المستعربون، مهمات خاصة وتنفيذ خاطف
بيرزيت اونلاين - جهاد القاق - تحاول دولة الاحتلال وبشتى الطرق ردع الفلسطيني عن مجرد التفكير في الدفاع عن أرضه وكرامته ومقاومة محتل أرضه وبلده، فهي تسعى دائماً إلى بث الرعب في أوساط الفلسطينيين، سواء كان ذلك من خلال فرض القوة والعنف بواسطة جيش الاحتلال، بالإضافة إلى التهديد بالقتل والسجن وغيره.
لم تكتف "إسرائيل" بوجود جيش خاص بها يتفنن في قتل الفلسطيني، بل عملت وفي ثلاثينيات القرن الماضي على إنشاء وحدة عسكرية سرية، وهي وحدة تابعة لجيش الاحتلال وذات ملامح عربية لا تكادُ تفرقها عن العربي، وغالبا ًما يصعب على الفلسطيني التعرف عليهم، وتعرف هذه الوحدة بالمستعربين، وهي أخطر وحدة تجسس إسرائيلية.
المستعربين وتسمى بالعبرية "المستعرفيم"، وتكمن وظيفة هذه الوحدة بالانخراط في أوساط الفلسطينيين، كالمواجهات والمظاهرات وغيرها، لتحقيق أهداف لصالح القوات الإسرائيلية، وقد تصل هذه الأهداف للقتل، أو اعتقال مطلوبين مثل ما حدث قبل أسابيع عند اقتحام حرم جامعة بيرزيت في وضح النهار، واعتقال رئيس مجلس الطلبة عمر كسواني، حيث تكون هذه الوحدة تحت نظر وحماية جيش الاحتلال الذي يؤمن مهمتها لتحقيق الهدف.
طالب الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت احمد وليد حامد (23 عاما)، وبتاريخ 7-10-2015 كان يشارك في وقفة تضامنية نظمتها الحركات الطلابية في جامعة بيرزيت مع بداية الهبة الجماهيرية عام 2015، وفور انتهاء الوقفة انطلقت حافلات من الجامعة صوب نقاط التماس مع قوات الاحتلال، فتوجه حينها مئات الطلبة إلى المدخل الشمالي لمدينة البيرة، حيث من المعتاد أن تشهد هذه المنطقة مواجهات مع قوات الاحتلال قرب حاجز بيت ايل المقام على المدخل الشمالي للمدينة.
لم يكن يعلم أحمد عند توجهه مع الطلبة إلى المواجهات، بانه سيقع في فخ قوات المستعربين، يقول أحمد:" عند اندلاع المواجهات كانت الأمور على ما يرام، شبان غاضبون يشعلون الإطارات ويرشقون الاحتلال بالحجارة، وقوات الاحتلال ترد بإطلاق وابلٍ من قنابل الصوت والغاز والرصاص الحي، وفجأة عم الهدوء لدى قوات الاحتلال واكتفوا باطلاق عددا قليلا من القنابل صوبنا، وحينها بدأ بعض الشبان وهم بالحقيقة مستعربين بتشجيع المتظاهرين على التقدم صوب قوات الاحتلال وخاصة الصفوف الاولى بالمواجهات، وخلال رمشة عين قام مجموعة من المستعربين بمهاجمتي من الخلف ومسكوا في يدي، وصوبوا اسلحتهم علي واطلقوا رصاصة على قدمي من مسافة الصفر، ولم اسمع سوى كلمة "مستعربين مستعربين" .
وأضاف أحمد:" قوات الاحتلال تقدمت نحوي بسرعة البرق، وقامت بإعتقالي وانا مصاب، بالإضافة إلى شابين آخرين، منهم من كان قد أصيب بشلل نصفي جراء إصابته إصابة خطيرة بالرأس.
عبد الرحمن حمدان الطالب في جامعة بيرزيت، تم اقتحام منزله من قبل قوات الاحتلال اكثر من مرة، ولكنها لم تفلح في اعتقاله، يقول عبد الرحمن أنه وفي يوم الخميس الموافق 8-12-2016، كان قد انهى محاضراته بالجامعة، وفي تمام الساعة الخامسة والنصف خرج من الباب الغربي للجامعة، ولم يكن بحوزته هاتف وقتها.
وأضاف حمدان أنه خرج من الباب وركب في إحدى مركبات المواصلات التي تقل من والى الجامعة، وعند تحرك المركبة وقبل مفترق الجامعة بعدة أمتار، تفاجئ بوجود شاحنة كبيرة في عرض الطريق، وخرج منها رجلين بلباس مدني برفقة شخصين آخرين كانوا في مركبة مدنية خلفنا، وتوجه المستعربين الأربعة صوب المركبة العمومية التي كان بداخلها، وتم توجيه السلاح على كل من كان بالمركبة لاعتقاله منها، وقالوا له جملة واحدة:" ما تلعب معنا، جيش دفاع إسرائيلي".
ونوه حمدان أنه عند اعتقاله على يد المستعربين تم وضعه في الشاحنة الكبيرة التي اعترضت المركبة العمومية، وكانت تبدو عليهم حركات اضطراب، وكانوا يقولوا للضباط على الجهاز اللاسلكي أنهم أنهوا المهمة وعادوا دون أضرار أو حاجة لاستخدام السلاح.
وفي ذات السياق أكد الصحفي والمختص في الشؤون الإسرائيلية أنس ابو عرقوب أن آلية عمل وحدات المستعربين تقوم على بدء التسلل عقب قيام قوات الاحتلال باستهداف المحتجين بالغاز المسيل للدموع بقوة، وهو ما يحجب الرؤية ويفقد التركيز، ما يتيح الفرصة للمستعربين التسلل عبر مجموعة تتراوح ما بين ستة إلى عشرة عناصر ينقضون على الشبان بالتوازي مع حضور وحدة الاقتحام التابعة للجيش.
وأضاف ابو عرقوب أن هذه الوحدة لا تتبادل الحديث مطلقا، فمعظمهم لا يجيد بالضرورة اللغة العربية ولا يتحدثون مع الشبان، وفي كل الحالات كانوا يسدلون قمصانهم فوق الحزام وليس تحته لاخفاء مسدساتهم، ولا تستغرق عملية الاندماج بين الشبان والانقضاض عليهم أكثر من دقيقتين، ويتم عادة استهداف الشبان الذين في مقدمة المواجهات.
من جانبه قال الصحفي ومسؤول زاوية الحدث الإسرائيلي في صحيفة الحدث عصمت منصور، إن المهمة الاساسية للمستعربين تختلف عبر التاريخ، فالبداية كانت مهمتهم تكمن في جمع المعلومات، وفيما بعد أضيفت لهم مهمة جديدة وهي مهمة عسكرية تتمثل في اختراق صفوف المتظاهرين والانقضاض عليهم واعتقالهم، لإثارة الشكوك بين الشبان والتأثير عليهم معنويا بأن "إسرائيل" قادرة على الوصول إلى أوساط الفلسطينيين، لخلق الشكوك بينهم وردعهم.
وعن ضرورة الحذر منهم، نوه منصور إلى ضرورة الحذر منهم ونشر الوعي بين الشبان حيال ذلك، بالإضافة إلى وجود اشخاص في المواجهات وبمثابة أمن عليهم لمنع تسلسل المستعربين، كما أن نجاح المستعربين مرهون بالحفاظ على سريتهم، ومتى ما تم كشفهم أو مجرد الشكوك في وجودهم فإنهم قد فشلوا، ولا يسجل عبر التاريخ حادثة كشف أو حصار مستعربين.