المدربة الفلسطينية إصرار اللحام تحيي بصيص أمل في طريق طلابها

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-04-14 02:04:00

بيرزيت اونلاين - فداء الأسمر - لكل امرئ من اسمه نصيب وللمدربة الفلسطينية إصرار اللحام نصيبٌ من اسمها فهي تحيي بصيص أمل في طريق طلابها لأن النجاح والتفوق في الحياة لا يأتي إلا بالعمل والاجتهاد، وأن إثبات الذات أيضًا لا يولد من فراغ، ولأن المرض والإعاقة أمرٌ رباني لا دخل للإنسان به.

استطاعت السيدة إصرار اللحام (35عامًا ) من مدينة بيت لحم رغم إعاقتها خرق كل التحديات التي وقفت عائقًا في طريق تحقيقها للهدف ونثر الأمل في مُحيا من يلتقي بها .

بعزيمة وإرادة تروي مديرة مركز الإصرار للتنمية والتدريب الدولي في بيت لحم، ومديرة البرلمان العربي لخبراء التدريب فرع فلسطين في الضفة وغزة، وسفيرة من سفراء التنمية الحاصلة على درجة الماجستير في التنمية البشرية من جامعة القاهرة تخصص اجرافونالجي، وتحليل الشخصيات لـ "بيرزيت أون لاين" عن طريق " الخط والتوقيع "، الدكتورة إصرار اللحام قصتها بمزيج من الثقة والأمل التي تبثه في نفوس طلابها مع بزوغ شمس كل صباح.  

فتقول اللحام" كان ولديَّ الكفيفان مصدر إلهامي وحثِّي على إثبات ذاتي رغم كثرة الصعوبات والإحباطات ممن هم حولي من الأطباء والعائلة وحتى زملائي في مقاعد الدراسة بسبب إعاقتي التي لازمتني منذ الصغر حتى الثانوية بشكل سيئ حيث صنفت بأنها إعاقة مركبة أكثر منها إعاقة واحدة بنسبة 100% بزيادة الشحنات الكهربائية أو ما يسمى بالصرع، فكانت بالنسبة لي نقطة التحدي والتحول".

وتتابع اللحام "سرت في الطريق وحدي، لم يتقبلني أحد، حتى أن زملاء الدراسة رفضوا السير معي في باحات المدرسة والجامعة، ولكن لا يأس مع الحياة، انطلقت من داخل قوقعة المجتمع الذي لا يرحم وبدأت الخضوع للعلاجات المكثفة، عدا عن أدوية الأعصاب التي وصلت إلى ما يقارب 2000ملم في اليوم الواحد، صباحًا ومساءً".

لكن الأدوية في بعض الأحيان لا تكفي، فلولا العزيمة والتحدي لما وصلت إلى ما هي عليه الآن بهذا النجاح، فتستكمل اللحام" رغم كثرة المضايقات والكلام الساخر الجارح إلا أن شعوري بالقدرة والقوة الداخلية التي منحني إياها الله عز وجل، كانت كفيلة بإنهاء المرحلة الثانوية والبدء بأخذ جلسات للتنمية البشرية حتى أكون ذاتي، وبالفعل بدأت النتائج بالظهور منذ أول جلسة".

جلسة تتلوها الجلسة، هو حال إصرار قبل وصولها إلى منبع التنمية البشرية، مصدر قوتها الأساسي، فعزمت على دراسة التنمية البشرية في القاهرة، حتى تستطيع أن تمنح القوة الداخلية التي حظيت بها إلى من هم بحاجة إليها، وبالفعل تخصصت في مجال الاجرافنولوجي وتحليل الشخصيات، وهو علم جديد لا يدرس في جامعاتنا الفلسطينية، وعند عودتها لم يتقبل المجتمع هذا التخصص حيث ظنه الكثيرون برنامج يستعمل من أجل برمجة الأجهزة الكهربائية، وهو بالفعل برمجة ولكن لعقل الإنسان الواعي واللاواعي الباطني.

ومع مرور الزمن أدركت اللحام أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وبالفعل سارت الدرب ولم تخشَ السقوط، فبعد إنهاء دراستها وبقرض بسيط من الشؤون الاجتماعية يمنح للأشخاص ذوي الإعاقة، استطاعت افتتاح مركز مختص في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات وتطوير الشخص بشكل أكبر من خلال موارد بشرية تعمل على تعزيز الثقة بالنفس وزيادة الكاريزما الشخصية للحضور وتدريب مدربين على التفكير خارج الصندوق وتحليل شخصيات عن طريق " خط اليد والتوقيع".

ومن أجل التعمق أكثر في المجال، تجولت إصرار في كل من السعودية والأردن ومصر ووصلت المالديف وتونس، ومع نيل شهادة الدكتوراة وافتتاح المركز في ذات المجال بدأت المعيقات بالظهور على أرض الواقع أكثر فأكثر، فالمجتمع لا يعلم عن التنمية البشرية بالشكل الصحيح.

في بداية افتتاح المركز، أجبرت اللحام على النزول إلى الشارع لتوعية الناس وتعريفهم بمجال عملها، فتقول : "بدأت في المحيط حولي من سكان بيت لحم إلى الخليل والشمال والجنوب ومجالس البلديات، كنت أقدم لهم الدورات وأعطيها بالمجان عدا عن ورشات العمل المجانية".

تستطرد اللحام حديثها : "دخلت عالم ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام وعلى اتحاد ذوي الإعاقة، الصم والحركي والمكفوفين بشكل خاص، ومنحتهم جزء من حياتي وبدأت بِحثِّهم على التطور والإبداع وتنمية القدرات لديهم".

ولم تكتفِ إصرار بتنمية ذاتِ ذوي الاحتياجات الخاصة فقط، بل ذهبت إلى منحىً آخر ألا وهو العمل مع طلبة الجامعات وتدريبهم من أجل تحفيزهم على اختيار التخصص المناسب لهم في حياتهم القادمة .  

وبعد تعب السنوات المنصرمة استطاعت إصرار كسب قلوب الناس وثقتهم، خاصة بعد ما حظيت بقصص نجاح مع نهاية تدريباتها المتواصلة والمتجددة، فتضيفُ اللحام"عملت على زيارة المؤسسات الخيرية والاجتماعية وإعطاء الدورات التحفيزية والتنموية بشكل متواصل وبالفعل استطعت إخراجهم من حالة المرض والتعب خاصة مرضى السرطان فأصبحت بالنسبة لهم مصدر متجدد للطاقة والحياة بسبب نشاطاتي اللامتناهية بالتخطيط والتقييم والمتابعة، لا بالمحاضرات النظرية التي لا فائدة منها".

ومن الحالات التي تركت في إصرار أثرًا كانت لفتاة في عمر الورد من قضاء بيت لحم تجاوزت مرحلة الثانوية بتفوقٍِ كبير، ولكن إعاقتها منعتها من المتابعة بسبب عدم قدرتها على الحركة إلا بمرافقة أحد والديها، تروي اللحام قصتها قائلة "أحضرت الفتاة إلى المركز وبدأت بإعطائها تدريبات مكثفة في التخطيط والإستراتيجيات، لزرع الثقة فيها، وعملت على إقناع والديها بأن يدعوها تواجه الحياة، في بداية الأمر رفض الأب لخوفه على ابنته ولكن مع تشجيعي لهم واعطائهم الوعود بعدم تركها وحدها، خرجت إلى الحياة وواجهت كل الصعوبات والتحديات بمفردها".

تتابع إصرار"أصبحت الفتاة قادرة على الحركة وحدها من دون أي مرافقة، وهي الآن طالبة متفوقة في السنة الثالثة في جامعة أبو ديس، وتطمح للسفر إلى مصر واختيار التخصص الذي يليق بها بناء على خطط مدروسة تتناسب مع شخصيتها وأحلامها بخطط واضحة، منحتها رخصة قيادة الذاتية وقادتها إلى النجاح".

ميرا عقب، صاحبة محلٍ مختصٍ في الصوتيات والتسجيل وإحياء الحفلات ( دي جي) حالياً والتي كان لا تعي ماذا تريد، ولم تكن تعلم أن لديها قدرات وإمكانيات كامنة في جسدها، تروي تفاصيل نجاحها بكامل الثقة التي غرستها إصرار فيها، فتقول"لم أكتشف قدراتي وإمكانياتي من  قبل، ولكن بفضل الله بعد الدورات المكثفة في التنمية، اكتشفت أني قادرة على النهوض من جديد خاصة بعد وفاة والدي، وانقطاع المعيل الرئيس في المنزل". تكمل إصرار"قرأت إعلان يدعو للاشتراك في دورة لتنمية وتطوير الذات فقررت المشاركة بمزيج من الخوف إلا أن إصرار شجعتني على فكرة العمل وبدأت بتعلم العمل على كيفية إدارة الآلة الموسيقية (الدي جي) عند صديق والدي، والحمد لله استطعت كسر حاجز الخوف والعجز والعمل دون الحاجة إلى أحد".

ميرا الآن قائمة على عملها بشكل رائع، تكسب قوت يومها، ولا تطلب من أحد أن يعيلها فهي قادرة على النجاح أكثر من ذي قبل. ومن نجاح يكلله نجاح في مسيرة إصرار تقول الكاتبة آية طقاطقة (27عاماً) من بيت لحم، والتي تعمل الآن في شبكة رؤيا العالمية للتنمية الريفية، ككاتبة روائية وكاتبة لكافة أنواع الأدب وشاركت في دورات التنمية البشرية "بدأت اكتشف بعد مدة من الزمن أن موهبتي في الكتابة ليست بالهينة، ولا يجب أن أقلل منها، فبدأت بالقراءة المكثفة وتنمية ذاتي وبعد كل جلسة كانت ثقتي بنفسي تزداد وتتطور وبدأت بخوض عراك الحياة من دون خوف أو تردد فأنا أستطيع كما قالت مدربتي القريبة إلى قلبي إصرار، فهي سبب ما وصلت إليه" . وتتابع طقاطقة "بعد عدة جلسات أصدرت كتابات ومقالات وقصة دولية لاقت نجاح وتقبل من قبل الآخرين، فلم أحلم يومًا أن يقرأ أحد كتاباتي من قبل، إلا أن التحفيز والدعم النفسي من الجلسات  كان سببًا في عبوري الطريق والتغلب على مخاوفي، فأنا لا زلت أسير نحو المستقبل بكل إصرار وتحدي وعزم، ولا أحد يستطيع كسر إرادتي".

ومن الجدير ذكره أن التنمية البشريّة هي تنمية وتطوير قدرات الإنسان وإمكانياته بشكل دائم ومستمر، وذلك بما يُمكِّنه من ممارسة نشاطه المعتاد، باعتباره أداة وغاية للتنمية من أسس فكرية تنطلق منها، وشروط ومعايير محددة، ولها آثار تترتب عليها.

وقد ظهرت الجذور الأولى للتنمية البشرية في أمريكا، وتأثرت بالسلوكيات اليومية للناس، فانتشرت بالتزامن مع ظهور الترجمة اللغوية كأحد الفنون في سبعينات القرن العشرين الميلادي.

اقرأ أيضا