مخيم شعفاط، انتقادات لدور السلطة في ظل إهمال الاحتلال
بيرزيت اونلاين – رشا كنعان - تقليص خدمات الأونروا لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وسياسة الإهمال المتعمدة من قبل بلدية الاحتلال، دفع مخيم شعفاط لتبني طريقة مختلفة لمواجهة هذه التحديات، تتمثل بتنمية المخيم من خلال مؤسسات مجتمعية متواضعة.
تأسس مخيم شعفاط شرقي القدس المحتلة عام 1966 قبل احتلال الضفة الغربية والقدس ، ويصل عدد سكانه إلى نحو 25 ألف نسمة في مساحة 203 دونم، تتلاصق فيها البيوت وتكتظ بالسكان؛ وككل المناطق المحاذية للقدس فقد أحاط الاحتلال مخيم شعفاط بجدار فصل عنصري التهم عشرات الدونمات من أراضيه، وأنشأ حاجزاً عسكريا بينه وبين مركز مدينة القدس، ثم أحاطت به البنايات السكنية الشاهقة نظراً لحرص السكان على الإقامة داخل حدود بلدية القدس حفاظا على بعض حقوقهم، التي يحاول الاحتلال انتزاعها.
سببت تضييقات الاحتلال على سكان مخيم شعفاط اكتظاظاً يعاني منه كل السكان طلاب وعمال وموظفون، وكان لتراكم النفايات نصيبا كبيرا من مشاكلهم اليومية، فتخلي بلدية الاحتلال جعل من تراكمها مشكلة خطيرة تهدد حياة السكان، ذلك عدا عن افتقار المخيم للمرافق العامة وحدائق للأطفال ليقضوا بها أوقاتهم، ما جعلهم عرضة لجرائم الانحراف والوقوع في هوّة المدمنين.
مشاريع البنية التحتية
يعاني المخيم من بنية تحتية منهكة، ومع ازدياد الكثافة السكانية والأبنية زاد الضغط على هذه البنية، لذلك اهتمت اللجنة الشعبية في المخيم بالعمل على صيانة هذه البنية وتأهيلها وفق الامكانات المتاحة.
فقبل 3 سنوات، قامت اللجنة الشعبية بالشراكة مع الأونروا بعمل دراسة هندسية كاملة للبنية التحتية، وتحديد احتياجات كل شارع وحي في المخيم، وبدأ العمل على تأهيل البنية وفق الدراسة المعمولة وهذا العمل شمل كل بقعة في المخيم، وقد قطع شوطا كبيرا في أعمال التأهيل التي ما زالت جارية حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
هذا بالاضافة إلى تعبيد الشوارع الداخلية والرئيسية للمخيم حيث عملت اللجنة الشعبية على توفير التمويل اللازم لتعبيد عدة شوارع رئيسية وثانوية.
وبحسب مهند مسالمة مدير اللجنة الشعبية في مخيم شعفاط، فقد أصبحت هذه اللجنة مؤسسة معترف بها من قبل الاتحاد الاوروبي وهذا يساهم في تعاون المؤسسات الاوروبية مع اللجنة في كافة المشاريع، حيث يتم العمل حاليا بالشراكة مع مؤسسات إيطالية على تحسين الظروف الصحية والبيئية في المخيم، ويشمل هذا التحسين الحد من مظاهر تراكم النفايات في أحياء وشوارع المخيم من خلال العمل على توفير حاويات كبيرة للنفايات مقابل كل بيت، بالإضافة إلى تحسين نقطة تجميع النفايات الرئيسية بشكل يبعد كل الضرر عن السكان كون هذه النقطة في الأساس تقع على مدخل المخيم وذات مظهر سيء وتنبعث منها الروائح الكريهة.
وأوضح مسالمة بأن الأعمال شملت تجميل حارات المخيم وجعلها نموذجية من خلال تحسين بنيتها التحتية ورصف وإنارة شوارعها بشكل يضفي مظهرا جميلا ولائقا للسكان .
وفي الوقت الذي تحاول اللجنة الشعبية صيانة البنية التحتية للمخيم، انتقد مسالمة دور بلدية القدس التابعة لسلطات الاحتلال، إذ اقتصر دور البلدية بجمع الضرائب وفرض المخالفات دون وجه حق، وأنها لم تقدم للمخيم أي مشاريع تنموية .
وفي غضون ذلك وجه مسالمة انتقاده للسلطة الوطنية الفلسطينية، التي تقدم دعما خجولا لا يرتقي لتوفير أهم احتياجات السكان في المخيم كونه المخيم الوحيد الذي يقع داخل حدود مدينة القدس.
وأكد أن مسؤولية السلطة تكاد تكون معدومة بذريعة وجود المخيم تحت السيادة الإسرائيلية في ظل تقليص الأونروا لخدماتها وتملصها من مسؤولياتها الرئيسية بحجة العجز المالي وهذا ما يجعل من المخيم قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
مركز الطفل الفلسطيني
استكمالا لعملية التنمية في مخيم شعفاط يعمل مركز الطفل الفلسطيني على مشروع تناغم الإبداعي، وهو مشروع يشمل عدة برامج: دبكة (فرقة العودة المقدسية)، فريق المهارات الحياتية، فريق كرة السلة، فريق كرة القدم، بالاضافة إلى فريق الهيب هوب، والرقص الايقاعي، تنس الطاولة.
كل هذه البرامج تقدم مجانياً بدعم من البيت الألماني، وبدأ هذا المشروع قبل نحو 5 سنوات، ويستمر حاليا باسم سفينة نوح، دلالة على النجاة.
وبحسب القائمين على المركز فإن أغلب نشاطاته تعمل على نبذ العنف، وتقريب وجهات النظر بين الأجيال، وإعطاء الأطفال حق التعبير، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وبالقيم المجتمعية.
ومن البرامج الأخرى التي عمل عليها المركز، برنامج الطائرة الألماسية بالتعاون مع إيطاليا والافرسيز، ويهدف البرنامج على دعم الأطفال نفسيا وجسديا واجتماعيا.
مساعدة المدير التنفيذي في مركز الطفل الفلسطيني ميرفت علقم، أوضحت أن المركز يستقبل الأطفال من عمر6-16 سنة :"في البداية كان الإقبال على المخيم بسيط لا يتجاوز 100 طفل، أما حالياً استطعنا تحقيق انجاز كبير، من مدارس الوكالة تجاوزوا الألف طفل شهريا، والإعداد المنتظمة يومياً 350 طفل."
تكمل علقم، أن المركز استطاع من خلال برنامج الأسرى المحررين أن يساهم في إحداث قصص نجاح مختلفة، أهمها الأسير المحرر أمير الدبس، الذي احتواه المركز بعد أن تحرر من إيدي الاحتلال.
تطوع الدبس في المركز وخضع لعدة دورات تدريبية في كرة القدم والكشافة، ثم أصبح موظف (مدرب) رسمي في المركز، ويلجأ له كل الأطفال في حال تعرضوا لأي مشاكل، فهم يرون في أمير القدوة والاحتواء.
في سياق ذلك، قال أمير الدبس إن المركز ينظم كل شهر بشكل دوري يوم مفتوح يتيح الفرصة للأطفال بتفريغ طاقاتهم؛ من خلال المسرحيات والغناء واللعب والرسم "أن يفعل الطفل ما يريد".
وأعرب الدبس عن امتنانه للمركز الذي قدم له الكثير، من تعزيز ثقته بنفسه إلى إعطائه الفرصة ليمثل المركز بالعديد من الأنشطة، وصولاً إلى رضاه عن نفسه من خلال العمل الاجتماعي.
الجدير بالذكر أن مركز الطفل الفلسطيني عام 2004، حصل على الترخيص من قبل وزارة الداخلية الفلسطينية، ويعتمد في تمويل مشاريعه على الدول الاوروبية، والمساعدات المقدمة من أهالي المخيم، فهو يعتني بالطفل ترفيهيا وثقافيا وعلميا.
المركز النسوي
يلعب المركز النسوي في مخيم شعفاط على تمكين المرأة اقتصاديا، وذلك من خلال البرامج التي يطرحها، وكان أهمها بالتعاون مع مؤسسة UNDP، التي قدمت منح صغيرة للنساء لفتح مشاريعهن الخاصة، وتنوعت هذه المشاريع ما بين صالون تجميل أو بيوتي سنتر أومحلات ملابس وتجهيز عرائس.
سندس حمدان منسقة مشاريع المركز النسوي قالت إن المركز يعمل حالياً مع السيدات ضمن مبادرة
"لك أنت"، وتعمل هذه المبادرة على تدريب السيدات على صنعة أو حرفة معينة، أبرزها صناعة الصوف والشمع والخرز، بالإضافة إلى تدريب السيدات على وضع خطط مستقبلية تمكنهن من فتح مشاريعن الخاصة.
ويوفر المركز لبعض السيدات ذوات الدخل المحدود فرصة للعمل في التصنيع الغذائي والحضانة والنادي الرياضي، التابعين للمركز على أساس توفير مصدر دخل لهن، ومن شأنه تخفيف عبء ومشقة الحياة عليهن.
كذلك يعمل المركز على تأهيل النساء نفسيا واجتماعيا، بمعنى إرشاد النساء للمحافطة على النفسية الجيدة رغم كل الظروف الصعبة، وكيفية التعامل من الآخرين.
وتوضح حمدان أنه يتم إحضار مدربين اختصاصيين للعمل مع النساء على تعزيز ثقتهم بانفسهم، وعلى المهارات الحياتية، بالإضافة إلى تفريغ الطاقات السلبية من خلال لقاءات "دراما".
والمركز النسوي، مؤسسة أهلية غير ربحية تأسست في 1994، تسهدف كل شرائح المجتمع ( نساء، أطفال، مسنين، شباب)، ويحصل على تمويله من الخارج، مثل الاتحاد الاوروبي، مؤسسة تعاون الفلسطينية، save the children ، ومؤسسات فرنسية أو نمساوية.
يشار إلى إن هناك مؤسسات أخرى فاعلة في المخيم، من ضمنها مركز الشباب الاجتماعي، الذي يتبع له ملعب كرة قدم معشب، كما وتعمل اللجنة الشعبية في الوقت الراهن على بناء صالة رياضية مغلقة، بالإضافة إلى نشاط جمعية القدس للتأهيل والتربية الخاصة التي تعنى بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة.
تبقى هذه المؤسسات الأهلية مجرد شمعة تحاول اللجنة الشعبية في مخيم شعفاط أن تنير بها فضاء المخيم، على الرغم من إهمال الاحتلال المتعمد، وخجل الدور الذي تلعبه وكالة الأونروا.