صناعة الطبول في الخليل تحتضر

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-04-16 12:04:00

بيرزيت اونلاين - هالة الرجوب - قبل ما يزيد على الثلاثين عامًا التزم ابو معتز الزعتري محل والده بمنطقة السهلة وسط مدينة الخليل، وتعلم على يده صناعة الطبول، وتقاسم في حينه مع والده وشخصٍ ثالث لقب الصانعين الوحيدين للطبول في المنطقة.  

اليوم وبعد هذا الوقت الطويل أضحى الزعتري الصانع الوحيد للطبول في محافظة الخليل، ويرفض تركها باعتبارها جزءًا من الموروث التراثي والثقافي للشعب الفلسطيني. ويبين الزعتري لـ بيرزيت اون لاين،  ان دباغة الجلود مهنة انفردت بها عائلته منذ سنوات طويلة، وبقيت مستمرة في تصنيعها للجلود حتى اللحظة وهو ما قادهم لصناعةِ الطبول واستحداثها في الخليل.

أبو معتز لا يعلم كيف وصلت صناعة الطبول لوالده الذي ورث وتعلم صناعتها منه، فهو لم يحدثه بتفاصيلها، مشيرًا في الوقت ذاته أن توفر صناعة الجلود والفخار في الخليل ساعد على توفيرها كصناعة كانت من أهم الصناعات في الأوقات الماضية.

وحول المراحل التي تمر بها صناعة الطبول قال الزعتري:" تمر صناعة الطبول بمجموعة من المراحل تبدأ بشراء الفخار وحفّه، ومن ثم يتم جلب الجلد بعد تنظيفه بشكل كامل، ويركب الجلد على الطبلة ويتم شده ومن ثم يقص بالتفصيل على قدر غطاء الطبلة، بعد ذلك يزال الجلد ويتم عمل حبكة له وخياطتها  على المحيط لكي تعطيه قوة ومتانة وجمال، بعد هذا يتم تركيب الجلد من جديد بعد دهن قطعة الفخار التي سيتم تركيب الجلد عليها بمادة الغراء وهي مادة لاصقة . وصولًا للمرحلة النهائية وهي خياطة قطعة الجلد على الفخارة باستخدام مسلة حديدية بخيط من الحرير القوي والخاص لكي تعمل على شد الجلد من خلال مجموعة من الغرز".

بعد هذه المراحل تحتاج الطبلة لفترة ساعتين لكي تجفَّ من الماء والغراء لتكون جاهزة للبيع والاستخدام . ويسترسل الزعتري في حديثه عن صناعة الطبول، ويقول انه قد اجرى تحسينات كثيرة على العمل، لكي يتسنى للعاملين بمجال الموسيقى استخدامها، يضيف الزعتري:  " أصبح الموسقيون يستخدمون الطبلات المصنعة محليًا، بعدما توقفوا عن شراء الطبلات من الخارج نتيجة لارتفاع أثمانها،حيث يصل ثمن القطعة الواحدة إلى أكثر 500 شيقل، اليوم نعطيهم اياها بمبلغ اقل وبكفالة في حال الكسر او التلف نجري لها لصيانة الدائمة".

وتابع ابو معتز:" هذه الصناعة مظلومة ولا يعرف بها الكثير من المواطنين يظنون أنها مستوردة، الأسعار محدودة  لذلك لا يوجد بها مرابح كثيرة، نبيع الطبلة العادية بمبلغ 20 شيقل فقط، في اليوم الواحد بالكاد استطيع انتاج 20 طبلة، وبعد حساب ثمن الفخار ودهنه والجلد وقصه وحبكه ومادة الغرة والخيوط تكون المرابح محدودة للغاية ".

ويعلل الزعتري عزوف المواطنين عن شراء الطبول نتيجة لمجموعة من العوامل أهمها، استيراد الطبول الحديدية الجاهزة، اضافة لطبيعة الافراح الحالية مقارنة بأعراس السبعينيات والثمانينيات والتسعينات من القرن الماضي التي كانت تستهلك الطبول، وكانت تقوم على الطبول والغناء الجماعي من المشاركين. إضافة لعدم الاهتمام بالهوية التراثية.

ويشير أبو معتز لصعوبة تصدير الطبول للدول العربية بسبب ارتفاع تكاليف التصدير نتيجة للحجم الكبير للطبلة بعد تغليفها جيدا. وهو ما حال دون استجابته للعديد من الطلبيات كان تأتيه من الاردن، ويقتصر عمله حاليا على طلبيات خفيفة تأتيه بالعادة من منطقة النقب وبئر السبع إضافة  للإصلاحات التي يجريها على طبول تعرضت للكسر أو التلف.

 يتطلع الزعتري للبقاء في صناعة الطبول التي ورثها عن والده لارتباطها بالتاريخ والتراث، حاول أن يدمج أبناءه بهذه الصناعة، لكنهم سرعان ما تركوا العمل، والتحقوا بأعمال اخرى لقلة العائدات المالية وانعدامها في مجال صناعة الطبول.

  يقول ابو معتز:" العمل بصناعة الطبول لم يعد مجديًا ماديًا، لكني لن أتخلى عن هذا العمل ولن اضيعهُ،  أسلي نفسي بها وسعيدٌ لأنني أكاد أكون الوحيد في فلسطين والاردن و الداخل المحتل الذي يقوم بهذا الصناعة".
 

اقرأ أيضا