مواقع التواصل الاجتماعي رقيب بلا حسيب

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-03-26 01:03:00

أنشر لترى كم ستبهرهم، فأنت الآن محلّ تعليق أو إعجاب!

بيرزيت اونلاين – سجود أبو موسى - من الطبيعي أن يشارك الناس أفراحهم وأحزانهم مع بعضهم البعض، فالإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن بيئته المحيطة ودون أن يخلق علاقات تفاعلية مع من حوله؛ ولكن هل من المنطقي أن يشارك تفاصيل حياته اليومية ما لا يحتمل المشاركة مع كل الناس وعلى العلن بعلاقات لاتفاعلية انحصرت بين تعليق وإعجاب؟ هذا الأمر أصبح ممكناً ومقبولاً وأيضاً ممارساً من قبل العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي "كالفيس بوك والسناب شات والإنستغرام..."، نتيجة هذه الممارسة لم تتوقف عند لحظة نشرهم لموقف ما واجهوه أو أكلة تناولوها أو حتى رحلة ما تمتعوا بها، بل تعدت ذلك لتجعل من المشاهد كأنه معهم! فهل هذا ضروري؟ إن كنت تخبر الكل عن ما مررت به في يومك وبمن صادفت وأين ذهبت، فأين خصوصيتك؟ وأين حرية الآخرين الذين لا يحتاجون أن يعلموا عنك كل هذا الكم من التفاصيل التي لا تعنيهم؟

هذه الممارسة لم تقف عند عمر أو جيل محدد، فقد ترى الشاب ينشر صورة له وهو يتدرب في نادٍ رياضي، وترى الفتاة تنشر صورة لها مع صديقاتها في المطعم، أو الأم تنشر صورة طبخة أعدتها لتتباهى بها أمام نساء العائلة أو الجارات، وحتى الطفل الصغير ينشر صورة للعبته الجديدة أو صورة له بملابسه الجديدة! كل هذا لأجل كسب عديد الإعجابات الإلكترونية والتعليقات، ولشعورهم بالراحة النفسية في منافسة أقرانهم من مرتادي هذه المواقع.

الراحة النفسية في الحياة الواقعية مقابل أخرى في العالم الافتراضي.

بالإضافة لمشاركة الناس تفاصيل الحياة اليومية والشعور بالراحة النفسية والمتعة للحظات بكسب الإعجابات والتعليقات، هنالك نتائج سلبية تؤول لعديد المشاكل إن لم تكن بالزمن الحاضر ففي المستقبل القريب، خلال مقابلة أجرتها بيرزيت أونلاين مع الأخصائية الاجتماعية نور عمران، أكدت فيها على أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي إن لم يكونوا بالوعي الكافي قد يلقوا بأنفسهم بمشاكل عديدة :" الأفراد بالعادة ينشرون معلومات أكثر مما ينبغي، دون شعورهم بأن خصوصيتهم تسلب، ودون وعيهم بخطورة ما يتم نشره على هذه الشبكات، وذلك بسبب شعورهم بالراحة النفسية من خلال اندماجهم بالحياة الاجتماعية في العالم الافتراضي الخاص بهم"؛ مضيفةً بأن هذا الموضوع أكبر من حجمه وعلى الأفراد أن يعوا أهميته وينظروا له على أنه مشكلة يجب علاجها.

في مقابلة أخرى أجرتها بيرزيت أونلاين مع الخبير النفسي آدم عفانة، أكد على تهديد ظاهرة نشر تفاصيل حياة الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، على العلاقات الاجتماعية الحقيقية، فقد تستغل بطريقة تؤثر على حياة الأغراد مؤدية للخلافات الزوجية، أو الطلاق بعض الأحيان أو حتى السرقة :" مواقع التواصل الاجتماعي أنهت الخصوصية، وأصبح الفرد مراقباً على مدار الساعة، وهذا بخلاف ما كانت تقوم عليه العائلة العربية، فالكثير نسوا حقهم بالخصوصية وعدم السماح للغير بالاطلاع عليها".

نقص الوعي المجتمعي، وقلة الحديث عنه يزيد تفاقم الظاهرة!

حسب احصائية اصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني خلال العام الماضي 2017، فإن نسبة  مستخدمي "الفيس بوك" من الذكور70%، بينما يستخدمه 30% من الإناث، وكانت أكثر الفئات العمرية استخداماً للموقع ما بين 14 و28 عاماً، تليها الفئة من 29 إلى 35 عاماً؛ هذه النسب التي نراها لا بد من ضوابط أو وسائل لتوعيتها بالطريقة الصحيحة لارتياد مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤول قسم التوعية وحماية الأسرة في الشرطة النقيب باسل رضوان، أوضح أن هنالك ضعف في القيام بالدور التوعوي اللازم لمنع ظاهرة نشر الخصوصية خصوصا لدى فئة الشباب، وعدم النظر لهذه الظاهرة بعين الجدية إلا حين وقوع المشاكل، كالابتزاز الإلكتروني الذي يساعده نشر المعلومات الأساسية على العلن، وحالات الطلاق التي تحدث لأسباب تافهة، أو حالات السرقة المختلفة.

المسؤولية المجتمعية بهذا الموضوع تقع على أطراف المجتمع كله بمؤسساته الحكومية والأهلية، كما للإعلام دور مهم في توعية الأفراد بمخاطر النشر المستمر للتفاصيل اليومية دون رقيب أو حسيب، فمشغلوا الشبكة لا تهمهم النوايا السيئة بقدر أن تنشغل مواقع التواصل الاجتماعية بأكبر قدر من التفاعلات الإلكترونية؛ ودور الأسرة هو الأهم في توعية أبنائها والحرص على استخدامهم الصحيح لهذه المواقع قبل أن يقعوا في مشاكل كبيرة.

اقرأ أيضا