كالسرطان، الاستيطان ينهش أحياء مدينة القدس
بيرزيت اونلاين - سندس عويس - لا تُضيّع سلطات الاحتلال الإسرائيلية أي فرصة لتهويد مدينة القدس والاستيطان فيها، فهي تسعى لتحويلها إلى مدينة للمستوطنين الصهاينة فقط وتهجير سكانها المقدسيين الأصليين، فعززت في الأعوام القليلة السابقة بناء المستوطنات في المدينة ومصادرة الأراضي والمنازل الفلسطينية بحججٍ باطلةٍ تحت ذريعة القانون وسلمتها للجماعات الإستيطانية من أجل زيادة نسبة أملاكهم في القدس وإثبات أحقيتهم في المدينة، ما يقودُ أخيرًا إلى مصادرتها بشكلٍ كاملٍ.
وسعيًا لتحقيق ذلك، أعلنت سلطات الاحتلال عن نيتها طرح عطاءاتٍ لبناء 300 ألف وحدة استيطانية في القدس، وعلاوة على ذلك تستعد بلدية الاحتلال للإعلان عن مخططٍ استيطانيّ يشملُ المصادقة على خططِ بناء سبعة الاف ومئة وحدة استيطانية؛ أبرزها في مستوطنات " غيلو" و " جبل أبو غنيم" و" رامات شلومو".
وتزيد الهبة الإستيطانية عصفًأ من كل جانب، فرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير أمنه أفيغدور ليبرمان أعلنا العام الماضي عن بناء 800 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة "معالي أدوميم" شرقي القدس بزعم الرد على عملياتٍ ينفذها فلسطينيون ضد الاحتلال.
وأشار رئيس المعهد الفلسطيني للخرائط والجغرافيا الدكتور خليل التوفكجي إلى أن أبرز الأهداف الاستيطانية هو منع التوصل إلى تسوية إقليمية فلسطينية-"إسرائيلية" تسمح بإقامة كيان فلسطيني ذي ولاية جغرافية واحدة متواصلة، لأن السيطرة الإسرائيلية على الطرق والمعابر التي تربط بين الأحياء الفلسطينية تجعلها تحت رحمة المستوطنين الذين باستطاعتهم إغلاقها متى شاؤوا.
وأضاف التوفكجي بأن وجود المستوطنات في الأحياء الفلسطينية وخاصة المقدسية يجعلها مدنًا حدودية تستطيع دولة الاحتلال متى شاءت إغلاقها، وهذا يعني تهديداً أمنيًا على كيان الدولة الفلسطينية وبالتالي تهديد جوهر السيادة الفلسطينية، كما أن تمتُعَ هذه المستوطنات بالحماية الأمنية يتطلب وجودًا عسكريا إسرائيليا لحمايتها، مما يعني وجود دولة داخل دولة وانعكاس ذلك على الأمن الوطني للدولة الفلسطينية.
وبين الكاتب الصحفي والمحلل السياسي راسم عبيدات بأن الحالة الفلسطينية منقسمة على ذاتها وضعيفة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الوضع المقدسي، فالاحتلال يستغل هذه الحالة باتجاه تصعيد الاستيطان وتكثيفه في القدس، مضيفاً بأن الحالة العربية الداخلة في حروب التدمير الذاتي والحروب المذهبية والطائفية تشجع الاحتلال على التجرؤ والقيام بعمليات الاستيطان بشكل غير مسبوق في القدس، والإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المدينة.
وأكد عبيدات على أن المدينة المقدسة هي مدينة عربية إسلامية منذ 3 الاف عام وأن هذا الوجود العربي في المدينة والبقاء المقدسي وصموده في أرضه لن يتلاشى، وأن الاحتلال لن ينجح بأن يظهر المدينة العربية الإسلامية الحضارية كفضاء يهودي رغم كل ممارساته وسياساته الاستيطانية.
وأشار رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات إلى أن الأخطر من الاستيطان وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤيد والداعم للسياسة الصهيونية حيث يشكل وجوده خطرًا كبيرًا على القدس والمسجد الأقصى كونه يدعم السياسة " الإسرائيلية " وخاصة بعد اعترافه بأن القدس عاصمة للاحتلال، وبالتالي ستنحاز السياسة وستنقلب بتأييد دولي ضد المقدسيين وضد القدس.
وأوضح بكيرات بأن حوالي 100 مليون دولار أمريكي تخصص شهريًا لدعم الاستيطان في القدس، مشيرًا إلى أن المجتمع المقدسي يواجه تغيير في الرؤية البصرية و تغيير في حالة السكان، حيث تبلغ نسبة السكان الفلسطينيين في مدينة القدس اليوم حوالي ( 35%- 37% )، إلا أن الاحتلال يريد تقليل نسبتهم إلى 20% خلال الثلاثة أعوام القادمة، وإلى 12% في عام 2040 أي ما يقارب 120 مقدسياً فقط، بحيث يكون تواجهم خدماتي لا أكثر، مؤكدًا على أن الفلسطينيين يواجهون حربًا ديموغرافية، و حرب تهجير نتيجة البرنامج الإسرائيلي الخطير والتعمق نحو نقطة المركز.