تراكم القضايا في المحاكم الفلسطينية

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-02-11 01:02:00

بيرزيت اونلاين - فرح بدارنة - الحق في المحاكمة العادلة، أصبح حقاً من حقوق الإنسان التي كرستها المواثيق والمعاهدات الدولية. وهذا الحق يضمنه وجود نظام قضائي عادل وفعال يكفل ويحقق لكل مواطن حقه في المحاكمة العادلة، وفي إصدار أحكام في أوقات معقولة، وذلك أنه من شروط المحاكمة العادلة إصدار الأحكام في الآجال المعقولة.

إن كل نظام قضائي يعجز عن تحقيق هذا الهدف النبيل يعد نظاما ضعيفا يعاني من اختلالات كبيرة، لذلك انخرطت دول العالم في مسيرة طويلة وشاقة من أجل إصلاح أنظمتها القضائية لحل المشاكل المادية والقانونية التي تعيق عمل قضاءها وتحد من فاعليته وسرعته وعدالته. فما هو الإختناق القضائي؟

الاختناق القضائي هو الزيادة المستمرة في عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم وتضخمها عاماً بعد آخر، بحيث يصبح عددها يفوق عدد القضايا المحكومة، ومهما بذل من مجهود في معالجة هذه القضايا من طرف المحاكم، هنا يكون اختناق، وتصبح العدالة بطيئة وغير ناجعة.

ويعاني القضاء الفلسطيني من هذه الظاهرة المتفاقمة، حيث تزدحم المحاكم الفلسطينية بآلاف القضايا المتراكمة التي لم يصدر فيها حكماً لأعوام طويلة ولم يحظ أصحابها بحقوقهم الضائعة.

في هذا التقرير سنسلط الضوء على قضية الاختناق القضائي ولجوء الناس إلى بدائل عن القضاء.

يقول المواطن أحمد أبو رحمة أنه ومنذ العام 2009 لم يحصل على قرار محكمة بخصوص قضية رفعها ليسترد أرض تم تسجيلها باسم شخص آخر مع العلم أنه المالك الأصلي لهذه الأرض، فيما ينتظر منذ 9 أعوام لاسترداد حقه دون جدوى.

أحمد ليس الشخص الوحيد، هنالك أكثر من 50 ألف قضية مؤجلة مرفوعة امام القضاء منذ عدة سنوات دون أن يصدر حكم بها. وتندرج مثل هذه القضايا تحت ما يسمى بالاختناق القضائي، وهي من أكبر المشاكل التي تواجه القضاء لما لها من أثر كبير على ضعف الثقة بالقضاء واللجوء إلى طرق أخرى لحل المشاكل من خلالها.

ولا شك أن ظاهرة الاختناق القضائي والبطء في الأحكام ناتجة أيضا عن بعض السلوكيات الخاطئة لبعض العاملين في المجال القضائي، وهي سلوكيات معاكسة لما ينتظره من يلجأ للقضاء من ونزاهة، إذ غالبا ما تتعارض المصالح  وينشأ عنها اصطدام بين أفراد الدفاع والادعاء في نفس القضية، وأن البعض منهم له مصلحة في إطالة الوقت وعدم إصدار الحكم خلال فترة معقولة.

العدالة المتأخرة نقيض للعدالة

تأخير البت في القضايا يضعف ثقة المواطن في القضاء، فالعدالة المتأخرة هي نقيض للعدالة وهذا يلحق ضرر في ثقة المواطنين القانونية مما يؤدي الى اهتزاز ثقتهم بالقضاء ولجوءهم إلى طرق أخرى غير قانونية لتسوية مشاكلهم، هذا ما قاله الرئيس التنفيذي للمركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" المحامي ابراهيم البرغوثي.

 وأضاف البرغوثي:" التعيينات القضائية والتدخل في عمل القاضي واستقلاليته هي سبب من أسباب التأخر". مشيرًا إلى أن التشريعات الفلسطينية شريكة في تأخر البت في القضايا فهي تضع معوقات وتطيل الاجراءات، فيما أكد على أن للمحامين دور في تعطيل العدالة حيث حولت مهنة المحامي من البحث عن العدالة وتطبيق أحكام القانون إلى دفاع تجاري عن مصالح الموكلين.

 وأكد أن قلة الكفاءة لدى القضاة في إدارة الدعوة هو أحد الأسباب، والمسائلة تعود إلى الواقع السياسي العام والنظام الاجتماعي والتشريعات وتدخل السطلة التنفيذية بعمل القضاء وعدم قيام الشرطة القضائية بتنفيذ أحكام القضاء، وعدم النضج الكافي لأداء بعض المحامين وأن ظاهرة التراكم القضائي هي ظاهرة دولية ولكن الدول تتخد عدة قواعد إدارية وضوابط في اختيار القضاة مما يخفف من حدة هذه الظاهرة.

الاختناق القضائي يعزز القضاء العشائري

من جانبه يقول رئيس مجموعة الحق والقانون المحامي غاندي ربعي أن تأخر البت في القضايا قد يدفع المواطن للجوء لطرق أخرى لتسوية مشاكله، فالبعض يلجأ للقضاء العشائري لشعوره بعدم جدوى عملية التقاضي التي تأخذ سنوات عدة، بينما يستطيع القضاء العشائري البت بالحكم مباشرة وبرضى الطرفين وهذه الحالة لا يلجأ لها إلا من يفقد ثقته بالعدالة ونزاهتها.

وفي حالة أخرى، تعاني المواطنة (ز. ي.) من تأخير الحكم في القضية التي رفعتها منذ العام 2011 ضد إخوتها اعتراضًا على تقسيم الميراث وحرمانها من حقها الشرعي في ورثة والديها، وتقول:"القانون والشرع كفل لي حقي في الحصول على الميراث لكنه لم يطبق ولم أحصل على شيء حتى الآن، في كل مرة يحددون جلسة للحكم ثم يؤجلون الحكم وأنا على هذا الحال منذ 7 سنوات".

سلامة المجتمع تقاس في نزاهة القضاء

وفي هذا السياق يقول أستاذ القانون في جامعة بيرزيت محمود دودين أن جميع الحقوق والحريات فردية كانت أم جماعية لا يمكن لها أن تعيش وتزدهر بدون وجود مؤسسات قضائية فعالة ونزيهة، وسلامة أي مجتمع تقاس بمدى نزاهة القضاء فيه، فالاهتمام بتحديد موعد نهائي في إصدار الأحكام يعتبر من أبسط حقوق المواطن التي يحق له مساءلة الدولة عنها حال غيابها.

 وأضاف أن الدولة غير عاجزة عن زيادة عدد القضاة وتخصيص عمل القضاة، فمثلاً يجب أن يكون هناك قضاء مخصص للأطفال وللأسرة والعمال ولحقوق الإنسان والأراضي، هذا التخصيص يزيد من قدرة القاضي على بناء معلومات حول موضوع معين وبالتالي يزيد من سرعة وكفاءة الجهاز القضائي.

قلة عدد القضاة، وعدم وجود قضاء مختص وضيق مباني المحاكم، واستغلال المحاميين للتأخير لقضاء مصالحهم وفقدان بعضهم لأخلاقيات المهنة وتحوله من رجل قانون إلى تاجر ينصف الشخص الذي يضاعف المبلغ ظالماً كان أم مظلوماً، وعدم وجود سقف زمني لإنهاء القضايا، كل هذه الأمور من شأنها إضعاف النظام القضائي في فلسطين وجعل الناس لا يثقون به ولا يرغبون بإحالة مشاكلهم له، نظراً لخوفهم من عدم إنصافهم وأخذ حقوقهم وهم على قيد الحياة، بعد أن أصبحت القضايا تؤجل وتأخذ وقتاً إضافيا للنظر فيها لتستغرق هذه العملية سنوات دون جدوى، وهنا يبدأ الناس باللجوء إلى البدائل لحل مشاكلهم تماماً كالقضاء العشائري أو حل المشاكل بعيداً عن القانون مما يسبب مشاكل وضرراً أكبر على الأفراد والمجتمع.

اقرأ أيضا

من هو عبد القادر الحسيني؟

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17
2017-12-26 12:12:00

مؤسسة تصاميم مجردة من فلسطين

تم النشر بواسطة: Administrator
2018-10-29 04:10:00