مساعٍ صهيونية لهندسة إنتماء الطلبة الفلسطينيين

تم النشر بواسطة: بتول حسين 2018-03-19 12:03:00

بيرزيت أون لاين - بتول حسين - تواصل وزارة المعارف الإسرائيلية منذ اندلاع  الإنتفاضة الثانية عام 2000 مساعيها من أجل تطويع الذاكرة الفلسطينية لدى الطلبة الفلسطينيين، من خلال محاولات لزرع الوعي المزيف بتاريخ النكبة والتاريخ الفلسطيني، مقابل رسم هوية تقبل بـ"إسرائيل" كدولة يهودية قومية.

عام 2003 أُقر كتاب التربية الوطنية بعنوان "أن نكون مواطنين في إسرائيل" في المدارس التي تتبع المنهج الإسرائيلي "البجروت" في عملية التدريس، وهي مدارس الداخل المحتل وعدد من المدارس بالقدس. ويكون هذا الكتاب مرافقاً للطالب طيلة فترة دراسته الثانوية إلى أن يحصل على شهادة مدرسية مصدقة من قبل الاحتلال. هذا النوع من الكتب يعمل على مواضيع الهوية "الإسرائيلية" ويسعى لإعادة هندسة الإنتماء لدى الطلبة الفلسطينيين واقتيادهم نحو "الأسرلة"، ومحاولة لجعل الطالب الفلسطيني يقبل بدونيته، من خلال نفي الطابع الفلسطيني.

وبحسب الأستاذ علاء أبو ريّا، فإن هدف الكتاب وهو جعل الطالب الفلسطيني متقبلاً لوجوده في هذه البلاد كشيءٍ طارئ وجزئي، وأن يتقبل تراتبية موقعه الأدنى، واعتبار وجود الاحتلال الإسرائيلي هو حلّ أخلاقي ومقبول ومفيد، وهذه طريقة لاقتياد الطالب نحو هندسة إنتمائه.

كما أوضح أبو ريّا أن الكتاب يحتوي على الكثير من الأعطاب النظرية المتعلقة بمفهوم الدولة، ومفهوم النظام الديمقراطي، فهو بالتالي يعزز الهوية القومية للطلبة اليهود، ويتعامل مع التراث اليهودي كجزء من الهوية الوطنية، بينما يفتت الهوية الوطنية للفلسطينيين باعتبارهم أقليات منفصلة.

كتاب التربية الوطنية "أن نكون مواطنين في إسرائيل"، ما هو إلا ثمرة من ثمرات الرؤية الصهيونية بالنسبة للاحتلال، فهو يقوم على هندسة وتغيير إنتماء الطالب الفلسطيني، ففي هذا الشأن بيّن أبو ريّا أن الكتاب يحوي في طياته على مفاهيم مركزية تؤسس للحكم ولدور المجتمع والثقافة، ولمفهوم اللآخر والشرعية والديمقراطية، إضافة للمفاهيم الدينية التوراتية. مضيفاً أن الكتاب يعمل على طمس الوجود الفلسطيني، وتشويه الحق الفلسطيني الأصلاني، فهو أسلوب للتأثير على الهوية الفلسطينية لدى الطالب الفلسطيني، وزعزعة إنتمائه الفلسطيني القومي.

في سياق متصل، أكد الكاتب والأستاذ المقدسي إبراهيم جوهر على أن الكتاب ما هو إلا صورة للمجتمع الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية، وصورة لدولة عنصرية، يسيطر عليها تيار سياسي ديني، كما يقوم على تمرير رؤيته إلى جهاز التعليم، ويجعل من وجود الاحتلال أمراً طبيعياً، إضافة إلى تكريس فوقية اليهود وتفوقهم، ليس فقط في المجال السياسي، بل في المجال التعليمي والتربوي أيضاً.

ويقدم الكتاب المواطنة على أنها مواطنة في "أرض إسرائيل" أكثر منها في دولة "إسرائيل"، وبحسب جوهر فإن الكتاب يقدم العلاقة بين الأقلية والأكثرية والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وكذلك حياة الفلسطينيين في ما يسمى بـ"إسرائيل"، من خلال رؤية تخضع لاعتبارات أيدولوجية يمينية تعطي الأفضلية "لأرض إسرائيل" على دولة "إسرائيل"، كما استخدم في النص لغة توراتية لأحقية وشرعية قيام دولة الكيان الصهيوني، وهي شرعية تعتمد المصدر التوراتي و"وعد الله للشعب المختار".

وأشار جوهر إلى أن الكتاب غني في عرضه التاريخي إلى حد يمكن أن يشعر قارئ هذا الكتاب أنه أقرب لمادة تاريخية منه لكتاب تربية وطنية، فإن الفصول التي تتحدث عن العرب في هذا الكتاب تتمحور حول الدروز والشركس في "المجتمع الإسرائيلي" وتحديات الحياة المشتركة، وهي قضايا إشكالية على وجه الخصوص، كما لا يمثل هذا الطرح الصورة الأصلية والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسية والتربوية للفلسطينيين، كما ينكر وجود الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948، إضافة إلى أنه لا يتطرق لوجودهم في الحياة السياسية والجماهيرية والاجتماعية.

بدوره، قال الطالب يزن عبد ربه إن الكتاب يحاول تغيير إنتماء الهوية الفلسطينية لدى الطلبة الفلسطينيين، إضافة إلى تشويه التاريخ الفلسطيني من خلال إقرار هذا الكتاب كمقرر للتربية الوطنية الذي يشرح طبيعة النظام لدولة الاحتلال، في محاولة لاقتياد الطلبة نحو القومية اليهودية والصهيونية، مقابل طمس الهوية الفلسطينية، وكيّ الوعي عند الطلبة.

وأوضح عبد ربه أن الطلبة الفلسطينيين في القدس والمناطق المحتلة عام 1948 ملزمين بدراسة هذا الكتاب كمقرر من وزارة تعليم الاحتلال للحصول على الشهادة الثانوية، ويبدأ الطلبة بدراسته خلال المرحلة الدراسية الثانوية. مضيفاً أن مُدرس المادة يسعى دائماً لتوضيح الرسالة المبطنة الذي يحملها الكتاب للطلبة، ويقوم على تقديم إطار تعليمي خارج مقرر الكتاب؛ لتعزيز الهوية الفلسطينية عند الطلبة، وما هذا الكتاب إلا مقرر يُدرّس فقط للحصول على الشهادة الثانوية النهائية ولا بد من المحافظة على الإنتماء الفلسطيني؛ من خلال الخروج عن نص الكتاب والاطلاع على التاريخ الفلسطيني.

من يقرأ كتاب "أن نكون مواطنين في إسرائيل"، يكتشف أنه يعطي وزناً كبيراً لتبرير وجود الاحتلال على أرض فلسطين، وتبريراً آخر وهو وجود ما تدعى بـ"إسرائيل" كدولة يهودية قومية، ولا يتطرق للتاريخ والهوية الفلسطينية، إنما يسعى لتغيير الإنتماء الوطني لدى الطلبة الفلسطينيين، ولكن المدرس الفلسطيني يأبى أن يلعب دور حجر الشطرنج كما يريد الاحتلال، إنما يلعب دور الجندي المدافع عن الهوية الفلسطينية ومجابهة رواية الاحتلال رغم تدريس منهاجهه.

اقرأ أيضا