سحب الإقامة.. سياسة ممنهجة لتفريغ القدس من أهلها

تم النشر بواسطة: بتول حسين 2018-03-07 11:03:00

بيرزيت اونلاين - بتول حسين - بوصفهم مقيمين أجانب، يعيش أهالي مدينة القدس داخل مدينتهم مجردين من أية وثائق أو هوية تثبت مواطنتهم، فهم وفق قانون الدخول الإسرائيلي المقر عام 1952، يمنح المقدسيون بطاقة هوية زرقاء تعبر عنهم كمقيمين في مدينة القدس وتجردهم من المواطنة، ولكن إلغاءها يكون أبسط بذريعة أمنية أو بعدم إثبات حاملها بدلائل أن محور حياته تتركز داخل مدينة القدس، فإن لم يثبت أنه يسكن في منطقة تابعة لبلدية القدس فهويته مهددة لا محالة.

يعتبر مشروع قانون سحب الإقامة وسيلة من الوسائل المتعددة التي يستخدمها الاحتلال لتغيير الميزان الديموغرافي في القدس، وقد يكون أداة عقابية لترسيم حدود العمل السياسي للمقدسيين. ووفقاً للقانون الإسرائيلي؛ إن المقيم يفقد بطاقة إقامته في حال مكوثه لفترة تتجاوز السبع سنوات خارج البلاد، ولكن حكومة الاحتلال بحثت مؤخراً في كل القوانين المعمول بها لشرعنة سحب الإقامة من المقدسيين وفقاً لذرائع أخرى إضافية.

وصادقت لجنة التشريع الوزارية في حكومة الاحتلال على مشروع قانون يسمح بسحب الإقامة الدائمة من  المقدسيين، وكذلك من العرب الدروز في الجولان المحتل، في حال المس والتهديد بأمن الاحتلال أو انتهاك الولاء لدولة "إسرائيل".

وبحسب المستشار القانوني رامي محفوظ، إن حكومة الاحتلال لم تتمكن من العثور على قانون أو بند يخولها على سحب الإقامة من المقدسيين، لذلك بادرت لجنة الشؤون الداخلية في برلمان الاحتلال "الكنيست" لطرح مشروع قانون يسمح بسحب بطاقات الإقامة، ودعمه وزراء الاحتلال منذ القراءة الأولى، وسحب الإقامة يتم في حال أدين الشخص بأنه قد شكل خطر على أمن الاحتلال، وعلى غراره؛ كُلف وزير الداخلية الإسرائيلي بعملية سحب الإقامة. مضيفاً أن هذا القانون تمت صياغته كرد على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2006 بإلغاء سحب الإقامة من أربعة مقدسيين أدينوا بنشاط سياسي شكل خطراً على أمن "إسرائيل"، وكانوا أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني وأبعدوا إلى مدينة رام الله كعقوبة في حينها، وما زالوا مبعدين حتى اليوم.

منذ عام 1967 ألغت سلطات الاحتلال الإقامة الدائمة لأكثر من 15 ألف مقدسي وأُبعدوا عن مدينة القدس، وأوضح محفوظ أن نظام الإقامة يفرض متطلبات شاقة على الفلسطينيين للحفاظ عليها، ما يراه القانون الدولي جريمة حرب وترحيل قسري وفق اتفاقية جينيف الرابعة، والتي تحظر طرد سكان الإقليم المحتل.

وأشار محفوظ إلى نظام التمييز المزدوج الذي تتبعه حكومة الاحتلال، والذي يمنح حق المواطنة للمهاجرين اليهود، مقابل عزل المقدسيين في بلدات تقع خلف الجدار العنصري، ولا تتوانى أيضاً عن التهديد الدائم بسحب هويات أكثر من 150 ألف مقدسي يقطنونها؛ بحجة عدم التمركز داخل حدود بلدية القدس.

ويخدم هذا القانون برنامجاً تتعاقب عليه الحكومات الإسرائيلية لتفريغ مدينة القدس من الفلسطينيين، حتى تبقى أرض بلا شعب وإحلال المستوطنين مكانهم، ففي هذا الشأن قال محفوظ إن فكرة الاحتلال بنيت على أساس إمتلاكهم أكبر مساحة في القدس مقابل أقلية عربية داخل المدينة، وهذا ما تسعى إليه سلطات الاحتلال من خلال إقرار قانون يسمح بسحب الإقامة من المقدسيين لتفريغ القدس من السكان. لافتاً إلى التغييرات التي طرأت على مشروع "القدس الموحدة"، والذي يختص بحدود بلدية القدس، وهو اخراج أحياء كاملة خارج حدود بلدية القدس مثل كفر عقب ومخيم شعفاط وبلدة العيساوية والسواحرة الشرقية، مع إبقائها تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية، وبقاء سكانها حاملين للإقامة، ولكن من ناحية ديمغرافية سيخرج سكان هذه المناطق من تعداد سكان مدينة القدس.

وأضاف محفوظ أن وزير المواصلات الإسرائيلي "أيوب قرّا" اقترح على طاولة الكنيست مشروع قانوناً يقضي بضم كتل استيطانية إلى مدينة القدس مقابل إخراج تلك الأحياء العربية، وتشمل مستوطنات معالي أدوميم وجفعات زيئيف وأفرات وغوش عتصيون وبيتار عيليت، واعتبار مستوطني هذه المستوطنات ضمن سكان القدس، لتعزيز الأغلبية اليهودية في القدس.

وفي سياق متصل، أكد الباحث السياسي والمحامي نافز ناصر الدين على أن الاحتلال منذ ضمه للقدس يسعى لجعل التوازن الديمغرافي داخل القدس هو الهم الأساسي، وتُسخر القوانين من أجل خدمة الحفاظ على الأغلبية الساحقة لليهود، و أن حكومة الاحتلال وأجهزتها تسعى للوصول إلى أقل عدد ممكن من العرب داخل مدينة القدس.

وقال ناصر الدين:" الاحتلال يعمل على تغيير وتعديل القوانين وفقاً لرغباته السياسة، ومن خلال مصادقته على مشروع قانون سحب الإقامة من المقدسيين وإخراج مناطق وأحياء عربية بأكملها خارج حدود مدينة لقدس، هو تدخل مباشر للحفاظ على الميزان الديموغرافي الذي تريد الوصول إليه حكومة الاحتلال، للوصول لأغلبية يهودية في مدينة القدس لإثبات يهودية الدولة". وأشار ناصر الدين إلى أن قانون سحب الإقامة طال ذوي الشهداء، مثل عائلة قنبر في جبل المكبر وعائلة أبو رجب في العيساوية، واستخدم هذا القانون بحق أهالي الشهداء كإجراء عقابي، ليكون سيفاً مسلطاً على رقبة جميع ذوي الشهداء.

كالغريق المتعلق بطوق نجاة، يتمسك المقدسي ببطاقة إقامته الزرقاء أو الإقامات شبه الدائمة، كحل للبقاء في القدس رغم عدم منحهم للمواطنة أو أية حقوق إنسانية، ومدة صلاحية هذه الإقامة مرهونة بقرار "إسرائيلي" يقضي بإلغائها!


 

اقرأ أيضا