سرقة الزيتون، على طريق تزييف التراث الفلسطيني
بيرزيت اونلاين - غادة قطوسة - انتهج الاحتلال طرقاً عدة لسلب التراث الفلسطيني وتهويده منذ دخول أول مجموعة منهم لفلسطين بالقرن التاسع عشر، وبعد أن كسبوا معركة السيطرة على الأرض في حرب الـ 1948، وضع الاحتلال على سلم أولوياته السيطرة على موروثات المنطقة والسعي لتزوير التاريخ والحقائق.
فلم يتوقف الاحتلال عند سرقة التراث، بل استمر حتى نجح في تسجيل بعض منه باسمه في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، مثل الثوب المطرز والدبكة الشعبية، بالإضافة إلى سور عكا والعديد من الحكايات الشعبية الشفوية، والمأكولات العربية والفلسطينية.
تفنن الصهاينة في طرق طمس التراث الفلسطيني وسرقته، فمضيفات طيران بشركة "العال" الإسرائيلية يلبسن الثوب المطرز على أنه لباس تراثي إسرائيلي، كما ظهرت وزيرة الثقافة الإسرائيلية "ميري ريجيف" وهي مرتدية فستانا عليه صورة تظهر فيها ملامح مدينة القدس مثل قبة الصخرة وحائط البراق. إضافة إلى استهداف مكونات المطبخ الفلسطيني كتبني الفلافل والحمص والمفتول.
شجرة الزيتون التي تعد رمز السلام وانتماء الفرد الفلسطيني لأرضه وتجذره فيها، لم تسلم من استهداف الصهاينة واعتداءاتهم. فعملوا دائما على اقتلاع الأشجار الرومية المعمرة وشرائها بأثمان رخيصة من بعض التجار، ليعيدوا زراعتها في المستعمرات أمام منازل المستوطنين، بهدف محاولة إثبات أن هذه الشجرة مرتبطة بوجودهم على الأرض، وكأن عمر منازلهم من عمر شجرة الزيتون القديمة.
مع بدء موسم قطف ثمار الزيتون من كل عام، تنشط اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، إما عن طريق سرقة الزيتون أو تكسير وحرق الأشجار، أو نصب الخيام داخل أراضي المزارعين لمنعهم من الدخول إليها. وفي حال استطاع المزارع الوصول إلى أرضه يقع بمواجهة مع المستوطنين الذين يقفون بحماية جنود الاحتلال المدججين بأسلحتهم.
تشهد القرى الفلسطينية وخاصة تلك القريبة من المستوطنات والنقاط العسكرية مثل بورين والمغير ورأس كركر وغيرها، حملات اعتداء مكثفة من قبل المستوطنين على أشجار الزيتون، حيث يستغل الصهاينة عدم مقدرة المزارع الفلسطيني الوصول إلى أرضه إلا بعد الحصول على التصاريح والتنسيق المسبق.
وفي هذا السياق أكد مسؤول ملف الاستيطان غسان دغلس، أن المستوطنين يلجئون لسرقة الزيتون بسبب فشلهم في الاستيلاء على الأرض، نتيجة صمود أصحابها واستماتتهم في الدفاع عنها. وأضاف :" المستوطنون سرقوا في موسم الزيتون لعام 2017 أكثر من 6 آلاف شجرة".
وأوضح دغلس أن المزارعين يتعرضون للاستفزاز من المستوطنين، وتندلع المواجهات عندما يحاول الصهاينة سرقة أشجار الزيتون وطرد المزارعين من أراضيهم. وقال:" من أكثر الاعتداءات وحشية ما قام به مستوطنو "شيلو" المقامة جنوب نابلس، عندما أغلقوا الطريق الواصل بين إحدى القرى والأراضي المزروعة بالحجارة، تاركين بينها قنابل صوت لتنفجر بالزارعين عند محاولتهم إزالة الحجارة من الطريق من أجل الوصول إلى أراضيهم".
وفي السياق ذاته أكد الارتباط المدني الفلسطيني، أنه قام بتقديم عددا من الشكاوي إلى الجانب الإسرائيلي فيما يخص اعتداءات المستوطنين على أشجار الزيتون عن طريق سرقة ثمارها أو اقتلاعها و قطعها أو تكسيرها، والذي يماطل بدوره في النظر بهذه الشكاوي وصولا لنسيانها.
من جانبه قال المواطن محمد أبو فخيدة من قرية رأس كركر غرب رام الله:" المستوطنون يسرقون الزيتون في كل موسم، ويعملون على تكسير الأشجار وتخريب الأرض ويلوذون بالفرار. ورغم أننا أصحاب الحق والأرض إلا أننا لا نستطيع اللحاق بهم لوجود برج عسكري للمراقبة. فكل عمليات السرقة والتخريب تحدث بإشراف وحماية جيش الاحتلال".
فالمزارع الفلسطيني يحتاج إلى تضافر الجهود لمساعدته في الحفاظ على أحد أبرز أوجه التراث الفلسطيني، وحمايته من المستوطنين ومخططات الاحتلال التي تتسلل كل يوم مستهدفة كل ما هو فلسطيني.