عمر حجاجلة، حارس الجبل يدفع ضريبة الوطن
بيرزيت اونلاين - ديما إبراهيم - عائلة كالكثير من عائلات فلسطين المتشبثة بأرضها، بقت في أرضها عندما تم مصادرة أجزاء كبيرة من قرية الولجة إبان نكبة عام 1948، هجّر حينها السكان الذين نجوا من الموت للعيش في أراضي القرية المتبقية، ومن ثم جاءت بعدها نكبة الجدار التي تم على إثرها مصادرة ما تبقى من أراضي القرية، ولم يتبق من أراضي القرية سوى 20%، وبذلك تم تقسيم القرية لأغلبية منكوبة تم تهجير سكانها، وقسم آخر ما زال يعاني من ويلات الاحتلال وأساليبه القمعية ومحاولاته في هدم المنازل ونهب الأراضي والتضييق على العائلات، في محاولة لتهجير السكان الذين تبقوا فيها.
منزل عائلة عمر حجاجلة، هو المنزل الوحيد الذي عزل خارج الجدار وتم ضمه إلى الجانب الخاضع كليا للاحتلال، وبالرغم من أن العائلة تحمل الهوية الفلسطينية إلا أنها تسكن داخل حدود مدينة القدس المحتلة. وتبلغ مساحة الأرض التي تملكها عائلة حجاجلة 16 دونماً، فيما تبلغ مساحة منزلها 140 متراً، يسكنه عمر وزوجته وأبنائه الثلاثة التي تتراوح اعمارهم بين 16 و8 سنوات، ويطل المنزل على قرية المالحة المحتلة ويجاورها أراضي الولجة والمصادرة.
بدأت معركة صمود عائلة حجاجلة في منزلها عام 2010، عندما بدأت قوات الاحتلال ببناء الجدار العنصري على أراضي القرية لفصلها عن مدينة القدس.
يقول عمر حجاجلة: "في البداية عرضوا علينا الهوية الإسرائيلية لكننا رفضناها بشكل مطلق، كما حاولت سلطات الاحتلال بشتى الوسائل والإغراءات المالية، والتي كان أبرزها عرض لبيع المنزل مقابل شيك مفتوح ووضع المبلغ الذي أريد، أو تبادل الأرض مقابل الحصول على أرض بديلة في منطقة فلسطينية أخرى بأضعاف مساحة أرضي، أو أن تستأجر الأرض مقابل مبالغ خيالية".
يروي حجاجلة ما تعرض له هو وعائلته من اعتداءات مستمرة على يد حرس الحدود بقوات الاحتلال ومحاولاتها لإبعاد العائلة، مشيراً إلى أنه اعتقل 16 مرة جراء صده لتلك الاعتداءات، ابتداءً بالاعتداء على العائلة بالضرب المباشر، مروراً بمحاولة التفجير بجانب المنزل لإخافة العائلة وإجبارها على الرحيل، إضافة لتعمد إثارة الغبار داخل المنزل، وحفر 4 أبار في مناطق قريبة من المنزل، وغيرها من الحفريات المستمرة في المنطقة التي ألحقت أضرار كبيرة في المنزل حتى باتت المياه تتسرب إليه، وآخر المحاولات كانت محاولة اغتيال عمر حجاجلة عبر إعطاءه مادة غريبة، أدت إلى وقف قلبه وأعضاء بالجسم، حتى أن 60% من دماغه توقف عن العمل، ودخل على إثر ذلك بغيبوبة دامت 90 يوماً.
وأضاف أنه في إحدى السنوات، فقدت زوجته الحامل جنينها خلال اعتداء قوات الاحتلال عليها، مبيناً أن أبنائه الثلاثة تعرضوا للضرب وممارسات العنف المتكررة كذلك ، "بس شو بدنا نعمل هذه هي ضريبة الحفاظ على الوطن".
بعد وصول الاحتلال لقناعة تامة بعدم قدرتهم على إبعاد العائلة من منزلها، تم الاتفاق على إقامة نفق تحت الجدار، ومن ثم بدأت التحذيرات بنية الاحتلال إغلاق النفق، كخطوة للتضييق والضغط على العائلة، لكن على الرغم من محاولات الاحتلال وعدم ترك أي طريقة قمعية واستخدامهم شتى الوسائل لإبعاد العائلة عن منزلها، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
خاضت العائلة صراعا طويلا أمام محاكم الاحتلال لانتزاع قرار عدم فصلها عن القرية، متمسكة بأرضها وعدم قبولها بالهوية الإسرائيلية، إلا أن الاحتلال أصر على مخططه ونصب البوابة الحديدية على مدخل منزل العائلة بعد ما تم توقيع اتفاقية صدرت عن محكمة العدل الدولية، وتم تزويد البوابة بنظام الكتروني لمراقبتها، وبذلك تم فصل المنزل عن محيطه بشكل كامل وعزل العائلة ومحاصرتها وتقييد حريتها.
نصب البوابة على مدخل المنزل يمنع عمر حجاجلة من استقبال ضيوفه في أي وقت يشاء، فالضيف بحاجة عمل تنسيق أمني قبل 24 ساعة ، ويتم تقديم اسم الضيف ورقم هويته، حتى يتم قبوله وفي أحيان أخرى يعتذر عمر عن الترحيب بهم بسبب رفض سلطات الاحتلال دخولهم عبر البوابة للوصول إلى المنزل، ويلتزم الضيوف بمحددات الاحتلال أثناء الزيارة كعدم التأخر.
ويضيف حجاجلة إن قوات الاحتلال تمنع العائلة من إدخال أغراض تجارية على المنزل، كما يمنع البناء على المنزل، فهم يعيشون في منطقة منعزلة عن الجميع، لا أقارب ولا أطفال يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، "أطفالي محرومين من جلب أصدقائهم إلى المنزل أو حتى اللعب في محيطه، مما يضطرون للذهاب إلى منازل أصدقائهم في القرية، كما أن اقتحامات حرس الحدود المتكررة تجعلهم عرضة للاعتداءات".
ويوضح حجاجلة عن موقف أهل قريته الذي اعتبره مشرف جداً، فقد وقفوا مع العائلة وقفة جدية، فقد نظموا العديد من الاعتصامات والوقفات التضامنية مع العائلة للحصول على حقها في البقاء على أرضها، كما أطلق عليه أهالي قريته لقب "حارس الجبل" تقديراً لموقفه البطولي بوجه الاحتلال.
ينهي عمر حجاجله حديثه بكل إصرار بقوله: "على الرغم من كل ما نتعرض له، إلا أننا سنبقى على أرضنا، فنحن أصحاب الأرض والحق، واستمرارنا في منزلنا المحاصر يعتبر انتصاراً، لذلك سنبقى في بيتنا، وهي رسالة لكل فلسطيني، علينا أن نحافظ على ما تبقى من فلسطين".