إذا تحدثتَ عن الفيزياء فأنت تتحدثُ عن الدكتورة وفاء خاطر!

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-08-02 03:08:00

بيرزيت اونلاين - غيداء حمودة - أحبت الفيزياء؛ فكان لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراة نصيبًا منها، تتلمذت على يد أستاذٍة جعلتها أكثر تعلقًا بعلٍم قلما تجد أيَ مهتٍم به، لغتُها الأرقام والمعادلات، وفي حال دعتك إلى مكتبها فأنت على الأغلب سوف تصادف أكومًا من الأوراق لن تفهمها، ولكن هي عالمٌ بالنسبة لها. إلى الشمال من مدينة رام الله، وتحديدًا في قرية "عين سينيا" وُلدت، وترعرعت الدكتورة وفاء خاطر، ليست مجرد رقم تسعة في عائلتها، فكانت الإبنة التي اتخذت على عاتقها جملًة من المسؤوليات، وإحداها أن تكونَ سفيرًة للفيزياء والرياضيات. حاورتها في أكثر من محور، لتجيبني بدورها، وتطلعني على أسرار هذا الشغف، وعليه كان لبيرزيت أون لاين هذا اللقاء معها:

 

  • بعيدًا عن الفيزياء كيف تعرف الدكتورة خاطر نفسها؟

ولِدُت لأسرة بسيطة؛ فوالدي مزارع ووالدتي ربة منزل، حالت ظروف النكبة من إكمالهم لتعليمهم بالرغم من كونهما متفوقين؛ فوالدتي درست حتى الصف الثالث الإبتدائي في المدينة، و في أحداث عام 1948 اضطر جدي لوالدتي للانتقال إلى مكان آمن في قرية عين سينيا حيثُ مسقط  رأسي. أعتبر أنني ولدتُ في الوقت الصحيح لأن أخي الذي يكبرني بسنتين لم يلتحق بالجامعة بسبب إغلاقها فترة الانتفاضة الأولى. أما بالنسبة لي فقد أنهيت مرحلة الثانوية العامة من مدرسة "بنات رام الله الثانوية"، وكان ذلك بالتزامن مع افتتاح مبنى الحرم الجامعي الجديد لبيرزيت عام 1993.

عقبَ الثانوية التحقت بالجامعة في قسم الفيزياء، وكانت الدراسة في الحرم الجديد كما أسلفت سابقًا، حينذاك كان قلّة من الطلبة قد التحقوا بهذا التخصص أي ما يقارب إثنان أو ثلاثة في الشعبة، أما الآن فيصل العدد إلى عشرة طلاب. بعد التخرج عملت مساعدًة للتدريس لمدة عام،  ثم سافرت للدراسة في النرويج في جامعة بيرجن، ويرجع الفضل في ذلك إلى الدكتور وائل قراعين الذي شجعني على إتمام دراستي عن طريق التقديم لمنحة دراسية، وساعدني كذلك في تعبئة الطلب الخاص بها، بعد أن أنهيت رسالة الماجستير قام المرشد الخاص بي بالجامعة بتوجيهي لإتمام دراسة الدكتوراة بمنحة ثانية وفرتها نفس الجامعة؛ حيث كان تخصصي في كل من الماجستير والدكتوراه بعنوان ( فيزياء الجسيمات الدقيقة والمسارعات عالية الطاقة).

  • قصتك و الشغف في الفيزياء كيف ومتى بدأت ؟

كنت أحب بطبعي دراسة الفيزياء والرياضيات فالمواد العلمية كانت سهلة جدًا بالنسبة لي؛ ولغاية الصف العاشر كنا ندرس موادَ أدبية كالتاريخ؛ وكنت أبذل في دراسته مجهودًا كبيرًا إذا ما قورن بالرياضيات والفيزياء، بدأ شغفي بهذه المادة مع الأستاذة الُمدرسة القديرة رشا عمر التي تتلمذت على يديها في المرحلة الثانوية.

في بداية دراستي الجامعية كنت أحصل على علامات مرتفعة جدًا، ولكن مع تقدمي في التخصص بدأت علاماتي بالانخفاض قليلًا من صعوبة التخصص.

وفي بيرزيت أدرِسُ معظم المساقات في مادة الفيزياء ابتداءً من الفيزياء العامة وحتى مواد التخصص في كل المراحل، كذلك أدرس تخصصات معينة في برنامج الماجستير، كما أنني أشرفت على رسالة ماجستير للطالبة شيماء وهدان، التي تستكمل دراستها  للدكتوراة الآن في ألمانيا، وحاليًا أشرف على رسالة ثانية.

  • هل لكِ أن تحدثينا أكثر عن اهتماماتك في مجال البحوث العلمية والفيزيائية بشكٍل عام وعن اهتمامك بالبحوث في المجتمعات النامية بشكل خاص؟

بعد عودتي من دراسة الدكتوراة قمت بنشر ثلاثة من البحوث العلمية بالتعاون مع مجموعة من الجامعات الأوروبية، بالإضافة لذلك كان عبء التدريس كبير جدًا علي وأنوه هنا أن  البنية التحتية للبحث العلمي غير موجودة، ولا يوجد حتى من يشجع على البحث العلمي، أضف إلى ذلك عدم وجود زملاء للمساعدة في البحوث في ذات التخصص؛ لأن التعاون مطلوب في هذا المجال.  فأبحاثي العلمية منشورة في مجلات محكمة.

انضممت آنذاك لمجموعة من المؤسسات العلمية التي تهدف إلى نشر المعرفة في المجتمع  المحلي، وأخرى تهتم بالنساء في مجالات العلوم (stem) أي العلوم والتكنولوجيا، الهندسة والرياضيات لاحظت خلال دراستي أن إقبال النساء على الدراسة العلمية في الجامعات الاجنبية أقل من مجتمعنا الفلسطيني حيث أن نسبة مشاركة النساء لدينا ما يقارب 60% إذا ما قورن بالمجتمع الغربي، إلا أن السؤال هنا أين ينتهي بهن المطاف؟ إما مُدرسة أو ربة منزل، ولهذا تكون نسبة النساء في الهيئات التدريسية في جامعاتنا أقل من الذكور، ومنه أود ان أضيف أنني على اهتمام بالمؤسسات التي تنشر الوعي العلمي في المجتمع المحلي  مثل (sharing knowledge foundation ) و( نور ويب ) التابعة للدول الإسكندنافية، وتهتم بالنساء، خاصة في مجال الفيزياء.

  • كيف تقيمين الجانب النسوي في مجال الفيزياء؟

هناك حلقة مفقودة ما بين العدد الكبير للإناث الدارسات في التخصصات العلمية لدرجة البكالوريوس أو حتى الماجستير، و بين الحاصلات على الدكتوراة ، والمنضمات للهيئات الأكاديمية، حتى باحثات مرموقات؛ فالعدد قليل إلا أنني بتُ ألحظ أنه إن شاء الله خلال العشر سنوات القادمة سنشاهد المزيد من الإناث كأعضاء في الهيئات التدريسية العلمية لأنه على الأقل هناك عشرة من الخريجات يكملن دراسة الدكتوراة في الجامعات الأوروبية وسينضممن لطاقم التدريس في حال وجود فرص للعمل  في الجامعة وبالتالي ستتغير المعادلة.

  • تلقيت عروضًا للعمل في الخارج إلا أنك اخترت البقاء لماذا؟

سافرت لدراسة الماجستير عام 1998  وأنهيته في سنة، ثم أتممت دراستي للدكتوراة في سبتمبر 2003، قمت بعدها بمجموعة من الأبحاث في فنلندا لمدة أربعة أشهر،  وقررت أن أعود بالرغم من ظروف الانتفاضة الثانية؛ إذ حاول الكثير من زملائي في النرويج التأثير على قراري فالنرويج بلد تتوفر فيه كافة شروط الحياة الرغيدة، وطلبوا مني التقدم لطلب لجوء سياسي  لكنني اخترت العودة للوطن لأني هناك للدراسة فقط، فعدت للعمل في الجامعة في شهر مارس 2004 كمدرسة في عمل جزئي لمدة ثلاث سنوات وانتظمت بعدها بدوام كامل.

  • ماذا عن الزمالة المنتظمة في مركز الأبحاث ( ICTP) المركز الدولي للفيزياء النظرية؟  

بداية تعرفت على المركز عام 2001 وأنا أحضُر لرسالة الدكتوراة؛ إ كنت آنذاك مشاركة في نشاط يخص الفيزياء لمدة أسبوعين، ثم شاركت مرة ثانية عام 2011، وهناك اكتشفت أن المركز يقدم عروضًا للعلماء المتميزين من دول العالم النامي، فبادرت للتقدم لبرنامج الزمالة  وكنت ممن حالفهم الحظ في القبول لأن المركز يضع شروطًا صعبة للقبول كنت قد استوفيتها، وبدأ برنامج الزمالة من 2014 ويستمر حتى 2019، ويمكن القول أنه ومن خلال مشاركتي في البرنامج تعرفت على كثير من الزملاء والعلماء حول العالم.

  • من هي قدوتك من النساء في مجال الفيزياء ؟

من خلال وجودي في الخارج تعرفت على الكثيرات؛ لكن كل واحدة منهن كان لها ظروفها الخاصة، وأنا أقول أن الدافع دائمًا يأتي من داخل الإنسان وليس من المحيط، فالتأثر بشخص يمدك ب10% من القوة ولكن الدافعية هي من الشخص بنسبة 90 % وهذا ما حدث لي فعليًا، وأنا كنت الوحيدة من بين أخوتي من أصر على استكمال مشوار التعلم، فأردت أن أكون أنا ولست تقليدًا لشخص، والتوفيق من الله بالتأكيد.

لكن أستطيع أن أذكر لك البعض ممن ساهم في دعمي مثل الاستاذة الدكتورة الأمريكية هيلين كوين، وهنا في فلسطين الدكتورة الأستاذة خولة قمحية، المحاضرة في جامعة القدس، وبالأساس أمي من ربتني على دافعية العلم والتعلم.

  • في حال كان العالم ستيف هوكنج ماثلا  أمامك ماذا ستقولين له؟

أنا أفتخر به لأن تفكيره  كان حرا بالرغم من إعاقته التي قيدت جسده، وأقدر موقفه من الشعب الفلسطيني، وتأييده لنضاله ضد الاحتلال الذي يعيق باستمرار مسيرة التعليم.

  • ما هي القيم والمبادئ التي تسعين لترسيخها لدى طلبتك؟

يجب أن يتذكروا أن حب التعليم والتعلم ينبع من داخلهم، وانتهاج الصدق والأمانة في التعامل دائمًا، وحسن التصرف بما يليق بالموقف.

اقرأ أيضا