لماذا تشهد شوارع رام الله أزمة خانقة دونًا عن غيرها من المدن؟

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-05-28 11:05:00

بيرزيت اونلاين - مينا عبده - أظهرت الإحصائية الأخيرة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن صافي الهجرة الداخلية بين المحافظات في فلسطين هو 726 ألف نسمة، لتظهر أن محافظة رام الله والبيرة كانت أكثر المحافظات مقصدًا للسكان، وبصافي هجرة 7296 فردًا خلال السنوات العشر الأخيرة. وهو عدد ليس بكبير خلال عشر سنوات، إلا أن من ينظر إلى مدينة رام الله ويجوب شوارعها يوميًا يلاحظ أنها تعاني من أزمة سكانية تخنق المواطنين، لكن عند النظر إلى إحصائيات 2016، نرى أن الكثافة السكانية في رام الله والبيرة كمحافظة تبلغ 419 فردًا لكل كم2، وهو ليس بالكثافة السكانية العالية. بينما تبلغ 644 فردًا/كم2 في محافظة نابلس على سبيل المقارنة.
رغم أن من يجوب شوارع نابلس، يجزم أن رام الله تشهد أزمة أكبر، والسبب في هذا ليس طبيعة تصميم الشوارع أو هندسة المدن، بل هنالك عوامل أخرى، ففي البداية يجب علينا أن نفرق بين الحديث عن محافظة وعن مدينة، فالمحافظة تشمل القرى وما يحيطها، بالمقابل المدينة ليست كذلك، مما يجعل حساب الكثافة السكانية يتغير، إذ يتم احتساب مساحات أكبر بالمحافظات وسكان أقل. لكن هذه العوامل ما هي إلا عوامل حسابية، لكن الواقع يطرح عوامل أخرى هي التي ستجيب عن تساؤلنا الأول، وهو حول السبب الذي يجعل رام الله تشهد أزمةً يومية في شوارعها.
تقول أستاذة مساق الهجرة الداخلية الدكتورة هديل فواضلة إن أهم العوامل التي تساهم في الهجرة الداخلية إلى رام الله بدأ أثره منذ عام 1995 تقريبًا؛ مع قدوم السلطة الفلسطينية وبداية مرحلة البناء الإداري، فإن أغلب إن لم تكن جميع المؤسسات الرئيسية للدولة تتمركز في مدينتي رام الله والبيرة، بالإضافة إلى وجود مؤسسات الـNGOS، وغالبًا ما يكون الهدف من الهجرة اقتصادي في هذه الحالة، بحثًا عن العمل في هذه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.

وتضيف إن الاحتلال يلعب دورًا كبيرًا في هذا الأمر أيضًا، فاحتلال القدس جعل رام الله كما يقول البعض العاصمة الإدارية لفلسطين، وسياسة الحواجز بالطبع أثرت على ذلك من خلال دفعها السكان للهجرة إلى المدن بشكل عام بحثًا عن حرية أكبر في الحركة ورام الله خاصة كونه يتمركز فيها كل ما يحتاجه المواطن من جميع نواحي الحياة. وهذا يقودنا إلى أمر آخر، فمثلا تستطيع أن تحصل في رام الله على ما تريد من مطاعم ومولات ومستشفيات ومراكز رياضية وفنادق وغيره، ورغم أن هذه الأمور تجدها بمدن أخرى لكن ليس بنفس القدر الموجود في رام الله، أي حتى أن فروع الشركات الكبرى العالمية تتواجد في رام الله دون غيرها، كما أن العامل الاجتماعي هنا يلعب دورًا من ناحية أنها قد تكون منفتحة اجتماعيًا وفيها حرية أكثر من غيرها من المدن مما يجعل توجه الناس لها أكثر وربما تحديدًا الطلاب الذين من الممكن أن يتوجهوا إلى صرح تعليمي في رام الله بدلًا من غيره في مدينة أخرى لهذه الأسباب.
كما تتحدث فوا ضلة عن أمر مهم أيضًا، وربما هو الأهم في الحالة التي نشير إليها، وهي ما يسمى بالهجرة اليومية، وهي الهجرة التي يقوم فيها المهاجرون اليوميون بالتواجد خلال ساعات النهار في المدينة، تاركين لها ليلًا أو عائدين إلى أماكن سكنهم، وهنا لا نتحدث فقط عن مهاجري المدن أو القرى الأخرى، بل حتى عن القرى التابعة لمحافظة رام الله والمجاورة لها كون رام الله مدينة تشمل كل ما يحتاجه المواطن من خدمات.
وقد تحدث مدير مؤسسة الدرسات الفلسطينية خالد فراج عن هذا الأمر سابقًا، من خلال بحث بعنوان "رام الله: قرية عالمية فيها كل شيء"، نُشره عام 2007، أي قبل 11 عامًا، ذاكرًا فيه حينها أن عدد سكان مدينة رام الله كان لا يتجاوز الـ35 ألف نسمة، إلا أنه يصل إلى حوالي 150 ألف نسمة في النهار، ويتقلص العدد إلى 36 ألف نسمة، بينما يتراجع إلى حوالي 25 ألف نسمة مع حلول مساء الخميس، وحتى صباح الأحد تقريبًا.
بالطبع تغيرت الأمور منذ 11 عامًا إلا أن هذه الحقائق والإحصائيات تؤكد أن سبب الأزمة الخانقة التي تشهدها شوارع مدينة رام الله هي في الغالب من السكان الذين لا يقطنون في رام الله تحديدًا، وإن زادت الأرقام قليلًا لكنها الفجوة ذاتها في المدينة بين نهارها ومساءها.

وبالطبع هنالك عدة أمور أخرى، لكنها تساهم بالهجرة الداخلية بعدد قليل وليس بمسبب لأزمة، ففي حالة الأسباب الأخرى تكون رام الله كمدينة كغيرها من المدن كنابلس والخليل وبيت لحم كعوامل مساهمة في زيادة عدد سكان المدن على حساب القرى.
 

اقرأ أيضا