الحركة الطلابية في بيرزيت، ما بين الماضي والحاضر
بيرزيت اونلاين – معراج قرعان - لطالما كانت جامعة بيرزيت الطليعة في العمل النضالي الوطني، تهتم لها القيادة الفلسطينية للعمل الجماهيري، ويحسب لها الحساب من قبل الإحتلال الإسرائيلي، وخاصة أنها تحتوي على أنشط الحركات الطلابية في العمل النضالي والنقابي، وهنا يستعرض لنا استاذ علم الإجتماع في جامعة بيرزيت وسام رفيدي، وأستاذ العلوم الحياتية جميل أبو سعدة، بعضا من المفارقات بين عمل الحركة الطلابية في الماضي والحاضر، كونهما يعتبران من نشطاء الحركة الطلابية القدامى.
يقول أبو سعدة إن الحركه الطلابية في جامعة بيرزيت مرت في عدة مراحل أهمها مرحلة السبعينيات، إذ كانت تتميز في البعدين السياسي والنقابي. وقد بدأت جامعة بيرزيت وخاصه الحركة الطلابية تأخذ البعد السياسي في تلك الفترة التي لم تكن منظمة التحرير موجودة داخل فلسطين وبالتالي كل القيادات الفلسطينية في الخارج اعتمدت على بيرزيت، ومن إحدى الميزات في تاريخ الجامعة، رفض ما كان يسمى بالحكم الذاتي، بيرزيت هي التي أفشلت هذا الموضوع بعد عقد مؤتمر لرفض الحكم الذاتي مع رؤساء البلديات في تلك الفترة، ونجح المؤتمر بالرغم من محاصرة الاحتلال للجامعة ومنع الناس من الوصول إلى الحرم القديم، ومن هنا بدأ التحول وتم رفض الحكم الذاتي وتمت المطالبة بمنظمة التحرير.
وعن البعد النقابي، أضاف أبو سعدة أنه لم يكن مؤثراً في تلك الفترة، إذ لم يكن هنالك مشاكل نقابية كثيرة، إذ كانت الأقساط منخفضة بحيث ندفع 60 دينار في الفصل، وبما أن عدد الطلاب كان قليلاً، كانت الجامعة توفر المنح لكل طالب في الجامعة عدا أن معظم الحركات الطلابية في تلك الفترة كانوا من الطبقة البرجوازية وكانوا لا يقدمون على منح حتى ان بعضهم كان يخجل أن يوصف بالغني فكانت الصفة الغالبة في التعامل هي صفة الكادح.
توالت الفترات وكانت بيرزيت متيقظة لأية محاولة اعتقال أو استشهاد في أي منطقة من فلسطين، كانت بيرزيت هي السباقة بالرد على الاحتلال وكان يخجل أي طالب أن يمسك غير ذاهبٍ إلى المظاهرة.
من جهته قال الاستاذ وسام الرفيدي إن فترة النضج السياسي للحركات الطلابية كان في فترة الثمانينيات إذ بدأ تأسيس الأطر الطلابية أواخر السبعينيات، وكان للحزب الشيوعي الطرف الوحيد المنظم في السبعينيات وشكل أول كتلة نقابيه له في الجامعة.
أما بقية الفصائل فكان تواجدها على شكل مجموعات ولهذا لم يكن هناك امتدادات طلابية للأحزاب السياسة وللقيادة الفلسطينية، وفي ’واخر السبعينيات تم الاتفاق على إنشاء كتل طلابية تدعم الحزب السياسي. في عام 1983 كانت كل الأطر الطلابيه التابعه للأحزاب ولفصائل العمل الوطني مشكّلة وهذا ما مكّن القيادة الفلسطينية من الانتقال من العمل السياسي العسكري إلى العمل الجماهيري، ففي تلك الفترة كانت القيادة الفلسطينية متواجدة في الخارج فركزت على بناء الأطر السياسية الجماهيرية والكتل الطلابية في الداخل ليكون العمل السياسي العسكري أوسع.
علاقة الكتلة الطلابية بالحزب السياسي
وأكد الرفيدي أن أول ما ميز الحركة الطلابية قديما هي علاقه الحركة الطلابية بالحزب السياسي، البعض يعتقد بأن ارتباط الكتل الطلابية في الحزب السياسي يضعفها لكنني أتبنى وجهة نظر معاكسة تماما، إذ أن فترة انتعاش النضال في الحركة الطلابية على المستوى الوطني والنقابي هي فترة ارتباطها بالحزب السياسي، كما تم بناء الحركة الطلابية بقرار من الحزب السياسي ولكن بسبب انهيار بعض القناعات يعتقد بأن ارتباط الكتلة الطلابية في الحزب السياسي يضعفها ويضر في العمل الجماهيري والسياسي.
التاريخ يثبت أنه لم يعرف نضال بدون ارتباط بحزب سياسي، ولكن المشكلة تكمن في علاقة التبعية ويجب أن يكون بالعلاقة هامش من الاستقلالية، ففي زماننا قبل سنوات وسنوات كان هنالك قدر من الاستقلالية ما بين الكتل الطلابية والحزب السياسي مع وجود التزام في الموقف السياسي وفي النضال الوطني لأن الهدف الرئيسي كان النضال ضد الاحتلال، وكون الحركة الطلابية في هذه الفترة نشأت ووجدت نفسها في معركه مباشرة مع الاحتلال.
التركيبة الاجتماعية للحركة الطلابية
جميع من كان ينتمي إلى الحركة الطلابية في تلك الفترة يعرف أنه من الطبقة البرجوازية، وبدأت تتغير التركيبة الاجتماعية في الحركة الطلابية في بداية الثمانينيات عندما كانت منظمة التحرير تدعم التعليم الجامعي وتضخ أموالاً لإدارات الجامعات، وبالتالي أصبح متيسراً لأبناء المخيمات والقرى وأبناء الفئات الشعبية الالتحاق بالجامعة، وعدم الالتفات إلى الأوضاع المادية وتركيز جل اهتمامهم في العمل النضالي مع الحركة الطلابية، وبهذا تصاعد النضال الوطني في جامعه بيرزيت وبات الهم الوطني يشغل الجميع.
وبالنسبة للنضال النقابي فقد كان موجوداً وكان هناك حالة توازن ما بين النضال السياسي وإن كان النضال السياسي طاغٍ على الأساليب الأخرى؛ لأن الهم الأساسي في النهاية هو الهم الوطني، وعقد مؤتمر التمثيل النسبي في تلك الفتره في عام 1981، وهذا يدل على أن هناك تنبه لضرورة التمثيل النسبي وبناء العمل النقابي على أسس ديمقراطية سليمة بما يزيد من نضج الحركه الطلابية ودورها النقابي في الجامعة.
هل كان هناك خلافات ما بين الحركات الطلابية؟
أشاد أبو سعدة بطبيعة العلاقات التي كانت سائدة بين الحركات الطلابية قائلا:" كانت تطغى بين الحركات الطلابية علاقات الاحترام"، وأضاف أنه كان هناك خلافات ولكن الأمور تحل بشكل علمي وكنا نتفاوض ونتناقش بشكل موضوعي، في المقابل كان هنالك خلافات حادة لا يمكن انكارها لدى الحركات الطلابية ولكنها كانت تحل ببساطة ونادرا ما كانت تصل الخلافات إلى درجة سيئة.
ماذا عن اليوم؟
اليوم اختلفت الأوضاع والسبب في ذلك يرجع إلى أمور أضافها اتفاق اوسلو على صعيد القيم والاهتمام بالهم النضالي والوطني، لأنه صنع كمية هائلة من الأوهام وضخ كمية هائلة من المفاهيم الفردانية والليبرالية التي تميع الجماهير والنضال والانحياز للقضايا المطلبية، وبالتالي هناك تراجعٌ في الحركة الطلابية وحتى في عمل التنظيم السياسي.
الرهان على إعادة إنعاش الحركة الطلابية من جديد في ظل ما يحدث في المنطقة من عمالة واضحة لتصفية للقضية الفلسطينية، وهنا يقع الدور الأكبر على جامعة بيرزيت وهو دور يجب أن لا يتجاهله الطلاب، كون التاريخ الوطني الفلسطيني وضع بيرزيت في هذا الموضع، ولهذا على طلاب جامعه بيرزيت المسؤولية الجدية تجاه هذا الموضوع.
ولكن العمل النقابي للحركة الطلابية في الجامعة يحتل المركز الأول إذا أردنا مقارنته مع باقي الجامعات الفلسطينية، كل الكتل الطلابية تعمل على مدار العام على إحياء شوارع الجامعة بالأنشطة الثقافية والرياضية والنقابية التي تغيب عن معظم الجامعات الفلسطينية.