الروائي عيسى القواسمي، يروي حكاية القدس بالقلم والصورة
بيرزيت اونلاين - سندس عويس - لم يأنف الروائي المقدسي عيسى القواسمي عن خدمة القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، فقد عَشِق القدس وقضيته العادلة منذ الصغر، وصمم على إيصال رسالة الفلسطيني ومدينة القدس للعالم أجمع، وتوثيق الحياة المقدسية بكافة تفاصيلها ولكن بصورة مختلفة عن المعتاد.
ولد القواسمي في حي باب السلسلة أحد الأحياء القريبة من المسجد الأقصى، يعمل في خياطة الملابس، على الرغم من حصوله على درجة البكالوريوس بتخصص خدمة اجتماعية من جامعة بيت لحم، عاش طفولته حتى السابعة من عمره في باب السلسلة ثُم هُجِّر إلى حي واد الجوز بالقدس عام 1967 حين هدم الاحتلال منزل عائلته مع حي باب المغاربة بالكامل ومن هنا كانت الحكاية!.
اتجه نحو الكتابة وبالأخص كتابة الروايات للتعبير عن حبه وشغفه للقدس وأهلها ومقدساتها، ولإيصال رسالة مختلفة عبر كل رواية يدونها، كما هدف من خلال كتاباته إلى التعريف بالقدس وخاصة البلدة القديمة وأزقتها ومعالمها التاريخية والأثرية أمام الجميع وخاصة المغتربين واللاجئين والذين لا يستطيعون زيارة القدس، وإبراز جمالياتها ومعالمها الأصيلة، ونشر قصصها الممزوجة بالتاريخ القديم، وتوثيق تجربة المقدسيين وتصدير الانتهاكات التي تتعرض لها المدينة المقدسة للخارج.
بدأ القواسمي الكتابة لأول مرة خلال انتفاضة الحجارة عام 1987، حيث أصدر أول رواية له بعنوان " همس الظلال" تحدث فيها عن الانتفاضة، وركز فيها على قضية إسقاط الشبان من قبل المخابرات "الإسرائيلية" وخاصة الذين لم يجدوا فرصًا للدراسة فيتوجهون إلى سوق العمل "الإسرائيلي" حيث يتم إسقاطهم.
وفي عام 2008 أصدر روايته الثانية بعنوان " الشغف"، ثم أصدر روايته الثالثة عام 2009 بعنوان " النزوح نحو القمر" التي تتحدث عن تشريد عائلة فلسطينية، أما روايته الرابعة فكانت بعنوان "من الشاطئ البعيد".
ثم نشر روايته الخامسة بعنوان " عازفة الناس" التي تحدث فيها عن أمكنة القدس القديمة من خلال سرد روائي دقيق وأرفقها بصور فوتوغرافية تحاكي الرواية وتعبر عن محتواها.
ومع التطور التكنولوجي والانتشار الواسع لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك لجأ إلى الجمع بين الكتابة والتصوير فبدأ بتصوير الأماكن والمعالم المقدسية المختلفة لنشرها عبر صفحته الشخصية على موقع " الفيسبوك".
وقد لاقت الصور التي نشرها القواسمي للمرة الأولى انتشارًا واسعًا، وحظيت على متابعة الآلاف من الأحياء المقدسية والأحياء العربية والفلسطينية، و خاصة أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة لجمالها وروحانية مقدساتها ورؤيتها لأول مرة بسبب منعهم دخول المدينة.
ثم شرع بتطوير نفسه أكثر فأكثر، فاستخدم خاصية طباعة الصور التي يلتقطها عبر هاتفه النقال على قماش وعرضها من خلال إقامة معارض خاصة به على حسابه الشخصي دون تمويل من جهات مختلفة، وبذلك يكون قد جمع بين الكتابة والتصوير في آنٍ واحد.
في عام 2015 افتتح أول معرض له في مركز النشاشيبي بالقدس، ثم أقام معرضًا آخرَ في مدينة بيت لحم، كما أقدم على إقامة معرض على مدار 10 أيام في أربع مخيمات فلسطينية في دولة الأردن، حيث حققت المعارض نجاحًأ كبيرًا ولاقت الصور المعروضة انتشارًا واسعًا لما كان لها من تأثير كبير على الوافدين للمعرض ومشاهديه عبر الإعلام خاصة مع استخدام الكلمات المؤثرة والشرح البسيط المعبر عن الصور المعروضة، الأمر الذي ساهم في زيادة المعلومات العامة لديهم عن القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى تحديدًا.
ومن التجارب المقدسية التي جسدها الروائي القواسمي والتي لاقت اهتمامًا على جميع المستويات، توثيقه لأحداث هبة باب الأسباط التي حصلت في شهر تموز العام الماضي، عندما أغلقت قوات الاحتلال المسجد الأقصى ومنعت المصلين من إقامة الصلاة فيه، ونصَّبت البوابات الإلكترونية على أبوابه، كعقاب جماعي على قيام ثلاثة شبان فلسطينيين بتنفيذ عملية اطلاق نار داخل ساحات المسجد الأقصى، حيث أصدر القواسمي كتابًا صوريًا يتحدث عن الهبة بعنوان" انتصار الغضب" إضافة إلى إقامة معرض صوري يتضمن صورًا متنوعة للأحداث خلال الهبة.
فقال القواسمي عن تجربته خلال الهّبة: " عندما بدأت أحداث الأقصى كنت مستعدًا من خلال الحالة التي جسدتها على صفحتي الشخصية ابنقل صورة بسيطة وعفوية ومدروسة عن الأماكن القريبة من المعتصمين، ولمتابعتي اليومية للأحداث ومشاركتي بها تمكنت من توثيق ونشر قضايا خاصة أكثر من المنشورة من الإعلام، حيث كان الإعلام بعيداً كثيراً عن جغرافية الأماكن التي يتم فيها الرباط داخل السور وخارجه، فلجأت من خلال تجاربي إلى توضيح المفهوم الجغرافي للقدس القديمة والتمييز بين أبواب سور القدس وأبواب المسجد الأقصى، كما قمت بنشر منشورات خاصة عن الحراك الشبابي داخل السور وخارجه تبيين التفاصيل الدقيقة واليومية للمرابطين على أبواب الرباط المختلفة مثل باب حطة والأسباط والمجلس وساحة الغزالي."
وأضاف بأن توثيق أحداث هبة باب الأسباط جاء بشكل عفوي وبسيط وشامل لكافة الأحداث المختلفة، حيث تنبع أهمية التوثيق من أهمية الحدث، فالمسجد الأقصى يغلق لأول مرة بشكل كامل أمام المصلين ويمنع المقدسيون من الدخول إليه.
وتابع القواسمي حديثه موضحًا بأنه لم يتوقف عند أحداث الرباط على أبواب المسجد الأقصى بل قام بتجسيد أحداث دخول المصلين للمسجد من باب حطة بعد حرمان دام 14 يوماً، كما جسد الفعاليات التي أقامها نشطاء مقدسييون في المسجد الأقصى على مدار أسابيع بعد إعادة فتح أبواب الأقصى، بالإضافة إلى تسليط الضوء على رواد صلاة الفجر في المسجد الأقصى وما بعد الصلاة، وتوثيق قصص المصلين القديمة والحديثة وطريقة خدمتهم للقدس والمسجد الأقصى.
وأضاف بأنه جسد ووثق قصص مقدسية من داخل سور القدس والبلدة القديمة كان لها رموز ودلالات سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة، كما أنه توجه للأشخاص عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك باستخدام اللغة العامية البسيطة غير المملة وبعيدًا عن الأسلوب التاريخي الممل، واستخدام الصور المعبرة للأحداث والواصفة لما يحدث في القدس وحياة ساكنيها وتعريف الجماهير المختلفة بها.
ومن الأساليب الحديثة أيضًا التي استخدمها القواسمي خاصية البث المباشر عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك وعمل جولات ميدانية في مدينة القدس والتركيز على معالم المدينة المقدسة وجمالياتها والأحداث التي تعيشها، والشرح المفصل من خلال البث للأماكن التاريخية والأثرية في القدس.
كما استخدم خاصية الجولات المصورة عبر هاتفه الشخصي ومن ثم نشرها عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك وعمل لقاءات مع شبان وفتيات من المدينة وسؤالهم عن أماكن في القدس وتصحيح معلوماتهم وافادتهم بما لديه من معلومات، ونشر منشورات خاصة مكتوبة عن القدس ومعالمها وقصصها المختلفة مما يساهم ذلك في تعريف الشبان والفتيات بمدينتهم ومعالمها، وزيادة ثقافتهم عن المدينة وأحيائها المختلفة.