جامعة بيرزيت، حاضنة أكاديمية للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-04-05 03:04:00

بيرزيت أون لاين- بتول حسين- لا تكتفي جامعة بيرزيت بالتفوق الأكاديمي والحصول على مراتب متقدمة في التصنيفات المحلية والعربية والدولية، ولكنها تعمل جاهدة على توفير بيئة طلابية تناسب جميع الطلبة بغض النظر عن ظروفهم الشخصية والجسدية، وتسعى دائماً لدمج جميع الطلبة وتمكينهم.

لم تكن الإعاقة يوماً عائقاً أمام الطلبة للالتحاق بجامعة بيرزيت، فقد حرصت الجامعة على توفير الفرص العادلة والمناسبة لطلبتها من ذوي الاحتياجات الخاصة للانتفاع ببرامجها وخدماتها وأنشطتها، مع توفير بيئة مهيأة عبر دعمهم بالخدمات والوسائل الخاصة المقدمة لهم.

لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة  في الجامعة هي المسؤولة عن الطلبة من ذوي الاحتياجات منذ عام 2008، فقد قال رئيس اللجنة الدكتور عازم عسّاف أن جامعة بيرزيت منذ القدم داعمة ومناصرة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويظهر ذلك من خلال عدد لا بأس به من موظفي وأساتذة الجامعة من هذه الفئة، مشيراً إلى أنه قبل تقدمه لجامعة بيرزيت رفضته الجامعات الأخرى؛ لتساؤلها حول كيفية إدارته للمحاضرات بسبب إعاقته البصرية.

وتابع عسّاف:" اهتمام جامعة بيرزيت لم يكن كافياً، خاصة عند عودتي للجامعة عام 2006، كانت هناك بوادر لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن الجهد المبذول لم يكن منظماً لخدمة هذه الفئة وخاصةً في مجال استخدام التكنولوجيا، فالأجهزة التكنولوجية المتطورة لخدمة ذوي الإعاقة البصرية استخدمتها في إتمام رسالة الدكتوراة، وكذلك في التحضير للمحاضرات وإعداد الامتحانات، وعند العودة لجامعة بيرزيت رغبت في تقديم ونقل المعرفة التي أمتلكها للطلبة والموظفين والأساتذة من هذه الفئة على حد سواء".

عام 2008 كان بمثابة نقطة تحول لحياة طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة بيرزيت، ففي هذا العام أنشأت لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة، بمبادرة من رئيسها الحالي الدكتور عازم عسّاف بالتعاون مع الدكتور عبداللطيف أبو حجلة نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية آنذاك، وهي أطول اللجان عمراً في الجامعة إذ أنها ما زالت تعمل حتى يومنا هذا.

وفي هذا السياق، أوضح عسّاف أنه وبعد سنتين من إنشاء هذه اللجنة، تكونت مجموعة أخرى من طلبة الجامعة لدعم ومساندة زملائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتسمى هذه المجموعة "أصدقاء ذوي الاحتياجات الخاصة"، وما زالت تمارس عملها لليوم، تدعم هذه الفئة بطرق وأساليب مختلفة. مضيفاً أنه منذ نشأت اللجنة وحتى الآن قامت بمهام مختلفة، إلى جانب دور أعضائها الذين لم يترددوا لبذل كل جهد في سبيل حصولهم على دعم لأبناء هذه الفئة، والدليل على ذلك التنوع في الخبرات التي يمتلكها أعضاء اللجنة؛ فضمت ممثلين عن جهات مختلفة في الجامعة منهم ممثلين عن كلية الآداب وكلية الهندسة وكلية الإدارة والحقوق ومكتب التسجيل ومكتبة الجامعة، وجميعهم ساهموا في تكوين اللجنة وإعطائها دفعة إلى الأمام لتقوم بعملها.

وأشار عسّاف إلى أن اللجنة حصلت على دعم وتمويل من قبل رئيس الجامعة حينها ونائب رئيس الجامعة ومكتب تعزيز الموارد، مما أدى إلى امتلاك اللجنة لمبالغ تساعدها في تحقيق بعض أهدافها المنشودة، والتي تتمثل بتوفير أجهزة تكنولوجية متطورة تسهل عملية القراءة لذوي الاحتياجات البصرية، إضافة إلى الطابعات التي تعمل بطريقة "بريل"، إلى جانب أجهزة ووسائل تتيح للطلبة من ذوي الاحتياجات البصرية الحصول على مصادر معلومات ومعرفة مسموعة، وهناك محاولات للحصول على معرفة بشكل أكبر وفي مجالات أكثر عموماً وشمولاً، مؤكداً على أن المعرفة ليست متصلة بالمساقات الاكاديمية فقط، ولكن المقصود أيضاً المعرفة الإثرائية لقلة وجود كتب معرفية بصيغة "بريل"، فسعت مكتبة الجامعة بتوفيرها لإثراء الطلبة بالمعرفة خارج النطاق الأكاديمي ويسهل الوصول لها من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة.

ونوّه عسّاف إلى أن عمل اللجنة منذ بداياتها حتى الآن هو عمل تطوعي، ولها أهداف رئيسية كمساعدة أفراد الفئة المستهدفة في الحصول على فرص متكافئة مع أقرانهم المبصرين في الجامعة، والعمل على وصول أفراد هذه الفئة إلى موارد الحاسوب ومصادر المعلومات على غرار ما هو متاح لبقية أبناء الجامعة، إضافة إلى تنمية المهارات التقنية والحياتية للأفراد المستهدفين في استخدام البرامج والأجهزة الخاصة؛ وذلك لإنجاز متطلبات الحياة الجامعية الأكاديمية من قراءة وكتابة وواجبات بحثية، لتعزيز استقلالية الأفراد المستهدفين في إدارة شؤونهم الأكاديمية والحياتية، ولتسهيل قرائتهم للكتب وملخصاتهم وأداء واجباتهم الأكاديمية متى شاؤوا وبحرية مطلقة دون تقييدهم بظروف وأوقات فراغ أفراد آخرين، مضيفاً أن اللجنة تسعى إلى توفير الإرشاد الأكاديمي والنفسي والاجتماعي لأفراد الفئة المستهدفة ومساعدتهم على الاندماج في مجتمع الجامعة، وممارسة حياتهم الأكاديمية في أكبر قدر ممكن من السلاسة والمرونة، والعمل على توفير الدعم المادي لتغطية الرسوم الأكاديمية لطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة.

كان عدد الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة قبل تأسيس اللجنة عام 2008 ستة طلبة، أما الآن وفي عام 2018 قفز العدد إلى أن أصبح 38 طالب وطالبة، مما يظهر الإقبال الكبير على جامعة بيرزيت من قبل الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأضاف عسّاف أن اللجنة تقوم بعقد حلقات توعوية عن ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة بيرزيت، والتواصل مع أساتذة الطلبة وشرح ظروفهم فيما يتعلق بدراستهم، لكن الحمل كان ثقيلاً حول إيصال فكرة التعامل مع هذه الفئة ومراعاة احتياجاتها، ولقيت اللجنة تجاوباً كبيراً من قبل الأساتذة وتفهمهم لظروف كل طالب منهم. مشيراً إلى أن الإنجازات تتعلق بتوفير حواسيب ثابتة لطلبة الاحتياجات الخاصة في كلية الاداب ومكتبة الجامعة، إضافة إلى حواسيب محمولة لاستعارتها داخل المحاضرات، وتوفير طابعات بطريقة "بريل" لطباعة الكتب باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية، إضافة إلى الأجهزة المخصصة لتدوين الملاحظات بطريقة "بريل" وحفظها، وباستطاعة الطالب أن يستعيرها ويستخدمها داخل المحاضرات، كما وفرت اللجنة أجهزة تقوم بقراءة الكتب ما يتيح للطالب أن يستمع للكتب عبر الصوت. أما بالنسبة للطلبة الذين يعانون من إعاقة حركية فقمنا بتهيئة بعض مباني الجامعة ومرافقها لتسهيل الحركة لهؤلاء الطلبة داخل أروقة الجامعة بالتعاون مع المكتب الهندسي في الجامعة.

وقال عسّاف: "نجحنا في إدخال بند على طلب الالتحاق في الجامعة يطلب من كل متقدم تحديد نوع الإعاقة لديه، وهذا يساعد اللجنة في معرفة الإعاقة لدى الطالب وتمكينها من تقديم الخدمات اللازمة بما يتوافق مع احتياجاته".

بدورها، أعلنت مديرة مكتبة جامعة بيرزيت ديانا صايج عن قاعدة "بوك شير"، وهي قاعدة إلكترونية تحتوي على كتب أكاديمية تتعدى 40 ألف كتاب وافتتحت بداية الشهر الجاري، وتضم أيضاً البيانات الأساسية للطلبة الثمانية والثلاثين من ذوي الاحتياجات الخاصة، والاشتراك مخصص فقط لهؤلاء الطلبة؛ لتسهيل حصولهم على الكتب الأكاديمية وطباعتها بصيغة "بريل" أينما تواجدوا ومن خلال استماعهم لمحتوى الكتب صوتياً.

وقالت صايج: "إن هدف العاملين في المكتبة دائماً هو الوقوف إلى جانب ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم، من خلال توفير غرفة مخصصة ومجهزة لملائمة احتياجات هذه الفئة، كما زودنا اللجنة بغرفتين إضافيتين في مكتبة الجامعة للتسجيل الصوتي، إضافة إلى تأهيل مبنى المكتبة بما يتلائم مع احتياجات ذوي الإعاقة الحركية لتسهيل تنقلهم خارج وداخل المكتبة".

ويبقى الأمل في تجاوز اللجنة عملها التطوعي لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة بيرزيت، فبسبب الإقبال الكبير على الجامعة من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يكون دعم هذا الفئة بما يتناسب مع عمق المسؤولية ومتطلباتها. فأصبح لا بد أن يكون الدعم على مؤسسة وليس على أفراد، ويجب أن يكون مبنياً على حقوق واستراتيجيات وأنظمة للوصل إلى هذه المرحلة. ولا بد أيضاً من إنشاء جسم مستقل لذوي الاحتياجات الخاصة ومتخصص بهذه الفئة؛ لأن المسؤولية اتجاهها في ازدياد فهو وسيلة لمخاطبة المؤسسات الأخرى ووسيلة لدعم ثابت.

اقرأ أيضا