نضال فلسطيني ترسمه مبادرة "ماسمهاش هيك"
بيرزيت اونلاين - إيمان عودة - " لما كنا بالمدرسة، تعلمنا قصيدة مترجمة من اللغة العبرية للعربية تقول:" يركوننا الصافي.. يا قلب وادينا، في صدرك الرحب.. بالماء تروينا"، وكبرنا على مسمى "يركوننا الصافي"، ولم يكن لدينا في ذلك الوقت الوعي الكافي بأن هذه المسميات عبرية ، ولا اذكر أن معلمتي قالت لنا أن " اليركون" له اسم أخر وهو "العوجا".
من هنا خرجت مبادرة "ماسمهاش هيك"عن الصحافية المهجرة من قرية صفورية قضاء الناصرة نرمين عبد موعد بالتعاون مع مجموعة من الشباب الفلسطيني أطلقوا على أنفسهم اسم "شباب الذاكرة"، والتي تهدف لزيادة الوعي الفلسطيني والتذكير بالأسماء العربية للقرى والمدن الفلسطينية المهجرة، والأماكن الجغرافية الأخرى كالأودية والأنهار والتلال والجبال وغيرها.
لم تكتف الحركة الصهيونية عام 1948 باحتلال وتهجير أكثر من 530 قرية وبلدة فلسطينية، بل قامت بتهويدها وتغيير أسماءها من العربية إلى العبرية، هذه الأسماء التي بتنا نتداولها دون وعي منا، معتقدين بأنها الاسم الصحيح، من هنا انطلقت مبادرة "شباب الذاكرة" للتصدي لسياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية لطمس الهوية ومحو الذاكرة الفلسطينية، وتذكير الجيل الثالث والرابع على وجه الخصوص من أبناء النكبة الفلسطينية بالأسماء العربية للمدن والقرى المهجرة.
انطلاق المشروع
"للنكبة ألوان، بين بقايا صور من ذاكرة حدثتنا عنها جدتي، يتراوح لونها في ذهني بتدرجات الأبيض والأسود حتى الرمادي، وصوتها الحزين، واشتياقها لقريتها، ولبيتها ولعزها وعزوتها، وبين نكبة ملونة اليوم، بألوان الطيف، ومتلغزة ومفسبكة ثوبها اسود اسمها التجنيد!"
تقول موعد أن الحملة انطلقت بالتزامن مع الذكرى الـ65 للنكبة الفلسطينية، أي في الـ15 من أيار عام 2013، حيث جاءت الفكرة في إطار حملة إعلامية شبابية عقدت كدورة " مساق" نظمها مركز" إعلام- المركز العربي للحريات الإعلامية"في الناصرة، للترويج لحملات شبابية هادفة موجهة لشريحة الشباب في المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل، والتي كانت ضمن الصحافيين والناشطين الذين شاركو ا بهذه الدورة، بعد ذلك انطلقت موعد في تنفيذ فكرتها التي شهدت نجاحا ودعما من الشباب والمجتمع الفلسطيني الذين رفضوا عبرنة الملامح الفلسطينية وتهويدها.
ما الذي يميز الحملة ؟
في حديثها عن الحملة قالت موعد:"لاقت الحملة منذ انطلاقتها اهتماماً إعلامياً وجماهيرياً كبيراً، حيث توالت وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية بعقد لقاءات صحافية مكتوبة ومتلفزة وعبر الإذاعات أيضا معي ومع طاقم الفريق المشاركين في الحملة، وخصوصا أنني قمت بإطلاق الحملة في ذكرى النكبة، حتى تأخذ حيزاً إعلاميا وجماهيريًا واسعًا وهذا ما حصل".
وأضافت:" المشروع هو فكرتي ومبادرتي، وأنا أديره من الجانب المعلوماتي والفكري، وذلك عبر الصفحة الخاصة بالمشروع على "الفيس بوك"، عن طريق نشر الأسماء والمعلومات والصور للقرى والمدن الفلسطينية المهجرة والمناطق الجغرافية الأخرى المهودة، فالفكرة تكمن في طرحنا تساؤلات حول أسماء القرى الفلسطينية التي تغيرت للعبرية وهذا بدوره يشجع المتابع الفلسطيني على البحث عن الاسم العربي الأول لها، فمثلا لو طرحت عليكِ سؤالا وهو ما اسم يوكنعام العربي؟، فإنكِ سوف تبحثين عن الاسم الأصلي لها وهو قبرة وقامون، وهذا سر نجاح المشروع، وفي هذه المرحلة أنا بصدد العمل والبحث عن سبل تطوير المشروع ليخرج من النطاق المحلي(الداخل الفلسطيني ومناطق السلطة الفلسطينية) إلى مناطق الشتات ومخيمات اللجوء بشكل أوسع وملموس".
قرية صفورية المهجرة قضاء الناصرة مثلا، تهود اسمها، واليوم تحمل اسم تسيبوري ومن خلال المشروع نقول:"ماسمهاش تسيبوري اسمها صفورية"، ومدينة صفد تهود اسمها وأصبحت " تسفات "، ومن خلال المشروع نقول:" ماسمهاش تسفات اسمها صفد"، ومدينة يافا وبعض القرى المحيطة بها، تحولوا إلى مدينة" تل أبيب"، وهنا أيضا نقول :" ماسمهاش تل ابيب، اسمها يافا".
ومن هنا وكي لا ننسى ما تبقى من ملامح فلسطينية وعربية للأرض، رأت موعد أن من واجبها الوطني والإنساني والحقوقي أيضا، العمل على المحافظة على الأسماء العربية للمدن والقرى المهجرة، ونشر معلومات خاصة ومتعلقة بكل قرية، وضمن ذلك، تاريخ الاحتلال والتهجير، وتفاصيل أخرى متعلقة بالقرية أو المدينة قبل النكبة، وكذلك العمل على ترسيخ الجانب الحقوقي والإنساني لحق العودة وربطه بحقوق الإنسان الأساسية والمتعارف عليها، وكل ذلك كان كما أكدت موعد بالتعاون مع أشخاص مختصين في مجالات مختلفة وخصوصا المؤرخين ومن كتبوا وبحثوا ووثقوا تاريخ وجغرافية فلسطين."