هل يطمس الشباب الفلسطيني هويته بتشويه الحجر القديم؟

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-03-05 02:03:00

جولة في الحافلة نحو الجامعة كل صباح تتنقل بي بأنحاء قرية دير غسانة شمال مدينة رام الله، وهي من أقدم القرى الفلسطينية إذ توالت فيها الحضارات من الكنعانية حتى نهاية الحكم العثماني وإرثها المعماري يشهد على ذلك، البيوت القديمة والساحة، القباب والأقواس والحجر الذي تكسوا أطرافه الطحالب وتنبت بين ثغراته الأعشاب، منظر يبعث الفخر بابن القرية ويجذب انتباه السائح لعراقة ما يقع عليه نظره، نظرات الذهول تصيبني كل ما أمر بجوارها.


ولكن...
غالبية الأحزاب في القرية كتبت على الجدران والأحجار القديمة ولم تتركها تحافظ على عراقتها وتاريخها، فكانت ألوان الدهان المختلفة تلطخ هذه الأحجار، شعارات بالدهان الأحمر ما تزال واضحة على جدار "دار صالح" وعلى حائط الجامع وعلى سور "دار رعد"، المشهد. لم تقتصر الكتابة على المواضيع السياسية والوطنية، فقد امتدت الجدران لتكون مكاناً للتعبير عن المشاعر والبوح بالأسرار، فالشاب الذي يود التعبير عن حبه للحبيبة يجد بمدخل الساحة  للبلدة فيكتب على جدرانها المقوسة أول حرف من اسمهما والقلب بينهما.


 

فبحسب الباحثة الاجتماعية رنين مفارجة إن هذه الظاهرة تنتج عن سلوكين، الأول هو التعبير الآمن وعادةً ما يكون تعبيرا سياسيا في هذه الحالة، أما الثاني فيكون لغرض المفاخرة لا أكثر.
وأشارت مفارجة: "الشاب يعتقد أنه لا يسيء لأحد ويمارس حقه، خصوصاً في ظل وضعٍ اقتصاديٍ صعب لا يمكّنه من التعبير عن رأيه في الكتاب ولا الجريدة، فالكتابة على الجدران تمكنه من القيام التعبير بسهولة بحيث يرى الكثيرون ما يكتب وتصل رسالته دون أية تكاليف، أما الآن ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ تراجع هذه الظاهرة".

"الشعارات هي غصة تخنق من يعشق البلد"، هكذا عبرت رغد البرغوثي ابنة الحارة القديمة في دير غسانة عن شعورها عندما ترى الجدران المشوهة، وأضافت “جميعنا نرى أن هناك كثير من التشوهات التي يقوم بها شبابنا من تشويه وتدمير للآثار والبيوت القديمة، فنجد الرسوم والكتابات التي ليس لها معنىً تعمل على تخريب واضح لهذه الآثار فكثير من الأجانب من الخارج يأتون خصوصاً إلى دير غسانة لتصوير هذه البيوت والجدران التي تعبر عن تراث الشعب الفلسطيني وأعمال اجدادهم, وأعمال كهذه لا يدركها الشباب فالكتابة على الجدران تطمس وتدمر هوية المكان ".

من جانبه، قال أستاذ القانون في جامعة بيرزيت الدكتور فايز بكيرات “أن الكاتب على الجدران ممكن أن يجرّم، لكن ماهية التجريم بشكل محدد تتوقف على طبيعة المكتوب وأين كتب". 

اقرأ أيضا