تفاقم ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، هل يحلها قانون الجرائم الإلكترونية؟

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-02-26 02:02:00

بيرزيت اونلاين - مجد عقل - على الرغم من فوائد التقنيات التكنولوجيّة الحديثة على البشرية، إلّا أنها لا تخلو من الضرر على مستخدميها وسلامة أمنهم وخصوصيتهم، الجرائم الالكترونية وجه من الوجوه السيئة التي ظهرت بعد تطور التكنولوجيا، حيث السرقة والنصب والابتزاز من الجرائم التي تطورت بشكلٍ ملحوظ مع التطور التكنولوجي، يتخيل مرتكب الجريمة الالكترونية عدم وجود رقابة ومتابعة، وأنه بعيد عن أعين وأيدي الشرطة، رغماً من التحذيرات المستمرة من الوقوع في فخ هذه الجرائم المنتشرة إلى أن عدداً من الشباب لا يزالون ضحية لمخاطر اجتماعية وأخلاقية كبيرة يتسبب بها أفراد متمرسون في النصب والاحتيال والجريمة.

المبتز هو الشخص الذي يقوم بالتعدي على خصوصية الأشخاص من خلال الحصول على صور أو أسرار أو بيانات خاصة بهم، بغية الحصول على المال ومن ثم تهديدهم بالكشف عن هذه المعلومات إن لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة إلى مطالبه.

يواجه مجرم الابتزاز مسائلة قانونية كبيرة، فالابتزاز بحد ذاته تهديد للآخرين جريمة يهدف صاحبها للكسب مادياً او معنوياً من  شخصٍ ما، ومن الممكن ايضاً أن لا يكن للمبتز أي مكسب فطالما يمتلك المجرم اي محتويات ويهدد بنشرها فهو مسائل قانونيا و يقترف جريمة خطرة جدا، لأنها قد تدفع الضحية في المحصلة النهائية إلى إيذاء نفسه.

وفي ظل غياب قانون للجرائم الالكترونية لفترة طويلة ازدادت نسبة تلك الجرائم في فلسطين بالتزامن مع الاستخدام الواسع للعالم الافتراضي من مختلف فئات المجتمع، إلّا أن الفتيات والشباب هم الفئة الأكثر واستهدافاً لمثل هذه الجرائم.

تعتبر الشرطة الفلسطينية أن المساهم الأساسي في ارتكاب مثل هذه الجرائم، يعود لعدم معرفة البعض في استخدام الانترنت بشكل آمن، وغياب حوار دافئ في الأسرة وعدم معرفة أولياء الأمور بالمواقع التي يتصفحها الأبناء، إضافة إلى عدم وجود ثقافة في كيفية استخدام هذه المواقع.

لم يحتوِ قانون العقوبات الأردني المستخدم لفترات طويلة في فلسطين على نص واضح يتعلق بالجريمة الإلكترونية، لذلك تم إقرار الجرائم الإلكترونية عام 2017، لسد الفراغ القانوني في الجرائم الالكترونية وكونه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني.

في الضفة الغربية وقع نحو 150 جريمة إلكترونية  في أقل من عام، تنوعت بين قرصنة مواقع إلكترونية لشركات وبنوك، وجرائم جنسية و أخلاقية، هدفها ابتزاز الضحية والتمتع في تهديدها والحصول على الأموال، وحسب الإحصائيات الرسمية يعتبر هذا النوع من الجرائم هو الأكثر شيوعاً في الضفة الغربية.

و عن عمليات الابتزاز عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) أشار المستشار القانوني الدكتور علاء بني فضل:  "يتضح لنا من نص المادة 15/1 من القرار بقانون رقم 16 لسنة 2017 أن المشرّع عاقب على جريمة الابتزاز الإلكتروني بعقوبة الحبس أو الغرامة أو الاثنتين معا، وهو بهذا شدد بالعقوبة عن جريمة الابتزاز العادية، وبرأيي فإن هذا يصب بالمصلحة العامة كون الجرائم الإلكترونية أسهل على المجرم ارتكابها، ولتمثل مثل هذه العقوبة رادعاً أمام المجرمين، لكن الحد من هذه الظاهرة يعتمد على التطبيق الفعلي لهذا القانون في المحاكم الفلسطينية".

 يختلف الأمر كثيراً في حالات الابتزاز الجنسي، كون هذه الجرائم الخطيرة تدار البلاغات حولها بخصوصية كاملة وحماية للأعراض وابتعاداً عن الفتن، لهذه الأسباب إذا ما أبلغت فتاة أنها تتعرض إلى ابتزاز من شاب أرسلت له صور جنسية، يتم التعامل بشكل سري في أغلب الدوائر الشرطية و دوائر مكافحة الجرائم، و بذات الوقت متابعة الطرف الآخر وملاحقته.

غالبية عمليات الابتزاز الإلكترونية تكون ضحاياها من الإناث حيث يقوم الشخص باللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لاصطياد فريسته، وهذا ما حصل مع فتاة رفضت ذكر اسمها عندما قام شاب باختراق حسابها وطلب منها مبلغا من المال بقيمة 10 آلاف شيقل مقابل عدم فضحها. 

تقول الفتاة: "لم أجد حل سوى التحدث مع والدتي وإخبارها بالموضوع، تكلمت عن الذي حصل معي بالتفصيل، فذهبنا في اليوم الثاني إلى مركز الشرطة شارحةً لهم ما حصل، والحمدلله بجهودهم استطاعوا التعرّف على الشخص الذي حاول ابتزازي بالصور والمحادثات، وسمعت لاحقاً أنه تم حبسه لثلاثة شهور والحمدلله أخذت كل المواد الذي حاول ابتزازي بهم في ذلك الوقت".

لم تقتصر عمليات الابتزاز على الفتيات فقد كان للشباب نصيبٌ من هذه الجرائم، ففي حال تعرض شاب للابتزاز من قبل فتاة أو عصابات الابتزاز الجنسي، وأبلغ الشرطة بما حصل معه،  لا يترتب عليه أي مسائلة قانونية، بل يتم إعطائه تعليمات و توجيهات حتى التخلص عواقب ما حصل معه .

 شابٌ تعرض للابتزاز يتحدث عمّا حصل معه:" كان طلبهم في المرة الأولى ثلاثة آلاف شيقل، فوافقت على طلبهم ووضعت المبلغ في مكانٍ تم تعيينه من قِبَلِهم واخذوا المبلغ بعد مغادرتي، توقعت أن القصة قد انتهت وستُنسى، إلّا أنه وبعد مرور شهر وصلتني رسالة تهديدية تنص على ضرورة دفعي لمبلغ 50 ألف شيقل! وهنا لم يكن أمامي إلّا إبلاغ الشرطة، فتواصلت مع من أرسل الرسالة وطلبت منهم راجياً أن يصبروا علي حتى أتمكن من جمع المبلغ، فبعد مضي أسبوعين من بلاغ الشرطة تم القبض عليهم".

فهنا وبهذه الزاوية تحديدا، يمكن القول أن قانون الجرائم الإلكترونية رغم الاعتراضات الكثيرة على بعض نصوصه التي تحد من حرية التعبير ولتضمنه نصوصاً فضفاضة، إلا أنه قد يشكل أداة رادعة للمبتزين والتمكن من الحفاظ على النسيج الاجتماعي من مثل هذا النوع من الجرائم الذي تزايد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، إذ أن الأرقام لدى الشرطة الفلسطينية تؤكد تضاعف مثل هذا النوع من الجرائم عدة مرات من العام 2013 حتى اليوم.

اقرأ أيضا