ترميم البلدة القديمة في رام الله، هدف استثماري وحفظ للعراقة

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-02-14 01:02:00

بيرزيت اونلاين – إبراهيم أبو صفية - البيوت القديمة شاهدة على أصالة وعراقة البلدة القديمة في مدينة رام الله، وهي امتداد تاريخي تعود لقرون عديدة، ومن يتجول فيها يرى تاريخ مليء بالفن المعماري المميز الذي جمع بين بيت حضري قديم وريفي قديم إلى بيوت معاصرة، ويقرأ البعد الجغرافي لتأسيسها حيث أنها واصلة بين مدينتي القدس ونابلس، كما يتحسس الحرف والصناعات التي ما زال البعض يمارسها كصناعة الخشب والحديد.

واليوم نجد فيها ظاهرة اجتاحت المعالم والمباني المعمارية القديمة وتحويلها إلى مؤسسات ومطاعم ومقاهي بعد ترميمها، وهذه الظاهرة أخذت أبعاداً استثمارية لإنعاش التنمية الاقتصادية، وأخرى من أجل إبراز هذه المعالم والحفاظ عليها من خلال هذه المشاريع.

حكاية مبنى المحكمة العثمانية

المحكمة العثمانية في مدينة رام الله نموذجا واضحاً على هذه الأسلوب، وكتابا تاريخيا مليء بالفصول والتحولات، وفي لقاء مع مدير مركز الاستعلام السياحي في بلدية رام الله الأستاذ فؤاد معدي أوضح لنا التحولات التاريخية التي جرت على المبنى، حيث بنيت في منتصف القرن التاسع عشر، واستخدم في البداية بيتا لعائلتي قسيس وحبش من العائلات المشهورة في المدينة، وهي مكونة من طابقين، بوسطها صالون وغرفة في اليمين واليسار، ويحتوي الطابق العلوي على ثلاث غرف، ويعتقد بأنها كانت تضم خمس عائلات.

وبين معدي أنه في عام 1883 استخدم المبنى كمستوصف، ومن ثم استخدم خانا للقوافل التي كانت تمر عبر طريق القدس - نابلس، وهذا أنعش الحركة التجارية في البلدة القديمة، وفي عام 1903 عملت الحكومة العثمانية على تعيين أول قاضي في مدينة رام الله وهو أحمد مراد حتى انتهاء الحقبة العثمانية سنة 1914، وتحويلها إلى معصرة زيتون بعد ذلك، وعقب النكبة استعملت كخمارة موز حتى حرب العام 1967، وبعد التطور العمراني وانتقال مركز المدينة من البلدة القديمة إلى دوار المنارة وهو نقطة التقاء مع مدينة البيرة، تم هجر المبنى وانقطاع العمل فيه.

و أشار معدي إن بلدية رام الله تنبهت عام 2002، لوجود المباني التاريخية وأهميتها، فقامت بشراء عدة مباني، وعقدت اتفاقية مع مركز المعمار الشعبي الفلسطيني "رواق " لتأهيل وترميم هذه المباني، والمحكمة العثمانية كانت من هذه المباني.

والآن يحوي المكان الدائرة الثقافية لبلدية رام الله، بالإضافة إلى مكتبة ومركزاً للأطفال ومسرحاً ومركزاً للحاسوب، أما الطابق العلوي فعبارة عن "بانوراما" أو معرض مختص بتراث وتاريخ المدينة.

النموذج يتكرر

وعلى بعد أمتار من مبنى المحكمة العثمانية ، مبنى قديم أفتتح فيه عام 2012 مطعم  باسم لاتيني " Fuego‏" ، و يعود تاريخ هذا المبنى حسب حجر منقوش عليه أعلى المبنى للعام 1899.

حيث قال صاحب المطعم بشار عامر، بأن الفكرة جاءت له ليسعى من خلال تقديم شيءٍ متميز من خلال تقديم طعام حضارة عريقة وهي المكسيكية في مبنى تاريخي بمدينة رام الله.

وعن أتساع هذه الظاهرة، أوضح مدير مركز الاستعلام السياحي في بلدية رام الله الأستاذ فؤاد معدي، أن أهالي رام الله هم من أكثر الناس الذي هاجروا واغتربوا بالخارج، وعندما عادوا بدأوا باستثمار أموالهم في ترميم هذه البيوت القديمة وتحويلها لمؤسسات ومطاعم ومقاهي  بأفكار جديدة.

وأضاف معدي: "رغم وجود بعض الحرف والصناعات، إلا أن التنمية الاقتصادية تحتاج لديمومة وفاعلية أكثر في البلدة القديمة، وأن هذه الظاهرة تساهم بذلك".

 وبين بأن المركز يقوم بجولات تعريفية وتثقيفية حول تاريخ المدينة، والتعريف بالمباني ومحطاتها كل يوم خميس.

وقال معدي حول تحويل البلدة القديمة إلى محمية، إن في الكثير من بلدان العالم يوجد جهاز وطني للإعمار، ولكننا في فلسطين نفتقد مثل هذا الجهاز الذي يتحكم بكل التفاصيل للحفاظ على التراث الوطني وحمايته، وهذا يدل على إخفاقاتنا في الحفاظ على موروثنا التاريخي.

القانون لا يحميهم!

وفي البحث عن قوانين تنظم ترميم المباني، والإجراءات القانونية لتحويلها إلى مطاعم ومؤسسات ومقاهي، وتحافظ على وجهها التاريخي ، كشف المهندس في مركز المعمار الشعبي "رواق" الأستاذ يوسف طه  أن القانون الأساسي الفلسطيني يفتقد لهذه القوانين رغم أهميتها في الحفاظ على التراث المعماري القديم، ويعاقب مرتكبي التجاوزات في طابع وأصالة هذه البيوت.

وبين طه أن القانون الحاليّ (المستند إلى التعديلات الأردنيّة لسنة 1966) فيه إشكالية واضحة، إذ أنه يحمي فقط الآثار التي يعود تاريخها إلى ما قبل 1700م، وهذا يغفل تماماً الحقبة العثمانيّة مثلما يغفل كلّ السنوات اللاحقة.

وأضاف أن المركز يقوم بعقد اتفاقيات مع المستثمرين أو المالكين أو البلديات، لترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة، وجعلها موائمة للعصر، على أن تخدم المجتمع العام، وتطويع المباني التاريخية  للاستخدامات الوظيفية المختلفة لدمج المباني في المجتمع، وهي واحدة من أفضل الطرق لحمايتها من الأضرار الفيزيائية.

و أشار طه إلى أن هناك عدة مراحل للحفاظ على المباني القديمة بداية بالحماية من الهدم  وعدم تخريبها، ومن ثم ترميمها وتأهيلها، وصولا إلى إحيائها وتوعية المجتمع بأهميتها.

كما تحدث عن المعايير التي يقوم عليها المركز بالعمل على المباني، فهذه المعايير تتعلق بالتكلفة والفترة الزمنية والعمر التاريخي للمكان أو وضع المبنى من حيث صموده، وإذا ما كان مستخدماً أم لا، كل هذه المعايير تكون مطروحة وهي من تحدد المبنى الأحق بالترميم.

وحول إعادة توظيف البيوت والمباني في المدينة القديمة واستخدامها كمطاعم  ومقاهي ومؤسسات ، قال طه بأن ذلك يؤدي للمحافظة عليها وتسليط الضوء عليها وتسويقها كإرث حضاري وثقافي لسكان المدينة القديمة، موضحاً أن ترميم هذه البيوت جعل المدينة القديمة مقصداً سياحياً للجميع ويتم من خلال ذلك تسويق المدينة القديمة بكل نشاطاتها وفعالياتها وثقافتها وعاداتها وأعرافها.

وشهدت رام الله القديمة العديد من المشاريع الاستثمارية أبرزها تمحور على تحويل تلك البيوت إلى مطاعم مثل " بيت أرضي"، ومؤسسات مثل " الكمنجاتي " و "مؤسسة تامر" وغيرها من المشاريع التي رأت النور والتي ستراه مع الأيام.

 

اقرأ أيضا