تعبيد الشوارع بكفر عقب معضلة يحكمها الإهمال

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-02-12 03:02:00

بيرزيت اونلاين – دانيا أبو ليلى - تقوم بعض البلديات بأعمال الصيانة والتعبيد للشوراع في ظروف غير آمنة كلياً وغير ملائمة لبيئة العمل مثل القيام بتعبيد الشوارع في فصل الشتاء، وعند سؤال الجهات المسؤلة المختصة حول ذلك يكون التبرير الوحيد لهم هو توقيت وصول الدعم المادي من الدول المانحة وتحديد مواعيد المشاريع، حيث أن جميع مشاريع البنى التحتية تعتمد بشكل رئيسي على الدعم القادم من الخارج، لكن هذا لا يبرر قيامهم بالمشاريع في ظل ظروف غير مناسبة وتعريض حياة المواطنين والعاملين للأخطار.

و قال رئيس بلدية كفر عقب بسام مسودة أن هناك مخاطر أخرى تحدث أثناء تنفيذ المشاريع بسبب المقاولين نتيجة الاستهتار بمعايير السلامة العامة، مثل عدم الالتزام بالطريقة الصحيحة لإغلاق الطرق من حيث وضع الشواخص التحذيرية مثل أعمال على الطريق أو شاخصة الطريق مغلق أو تحويلة في اتجاه معين، ما يؤدي لزيادة نسبة الحوادث والاختناقات المرورية.

و أضاف أن منطقه كفر عقب وعلى الرغم من التزامها بدفع الضريبة إلى البلديّة، والتي تعرف باسم "الأرنونا"، إلّا أنّها لا تتلقّى أي خدمات من المفترض أن تقدّم إلى سكّانها، وبالتحديد فيما يتعلّق بقضيّة الخدمات العامّة كالتعليم والصحّة والنفايات و البنية التحتية، وتدّعي بلديّة الاحتلال لمدينة القدس أنّها لا تستطيع الوصول إلى هؤلاء السكّان لتقديم الخدمات إليهم بسبب الأوضاع الأمنيّة، وهو ما اعتبره الحموري حجّة لا أساس لها. و قال مواجهاً هذه الحجة: "في حال أيّ تخلّف من قبل هؤلاء المقدسيّين عن دفع ضرائب البلديّة، تقوم البلديّة بتغريمهم واعتقالهم من المنطقة ذاتها".

وبين لنا مصدر خاص من بلدية كفر عقب تحفّظ على ذكر اسمه أن هنالك إهمال وتقصير كبير بسبب الرشاوي والفساد، حيث يتم دفع مبالغ مالية للمشرفين على الطرق من قبل المقاول، لتنفيذ عمل الشوارع حسب رغباتهم وليس حسب المخططات والمواصفات الفنية المتفق عليها.

هذه نقطة جوهرية، إذ أن الأمر يؤثر على أمن وأمان المواطنين والعمال، فهل يعقل أن يتم التلاعب  في مواصفات مشروع دون للالتفات للمخاطر التي قد تحيط بالمواطنين، خاصةً إن كان الشارع رئيسي تمر منه مئات بل آلاف العربات الخفيفة والثقيلة يومياً!

وقال صاحب صيدلية سمير مستاءً من التأخر في إنجاز الأعمال:"أجّلنا معظم الشغل شهرين، وتراجعت قدرتنا الإنتاجية بسبب عدم التمكن من إدخال الأدوية إلى الصيدلية أو استقبال الزبائن،  وكل هذا بسبب تأخير تعبيد طرق كفر عقب، إذ أن الأعمال في الطريق استمرت لحوالي ثلاثة أشهر، وما زاد الطين بلة هو عدم وجود مخرج خلفي للصيدلية سوى هذا المخرج الوحيد من الشارع الرئيسي الذي استمرت الحفريات فيه لمدة تزيد عن الشهرين، توقفت فيها معظم المحلات عن أعمالها".

و قالت مديرة دائرة الجسور والأنفاق والمشاريع المهندسة سوسن أبو دقر:"معظم الشوارع يتم تعبيدها عن طريق الأموال القادمة من المانحين، فيتم انتظارهذه الاموال حتى تأتي منهم أو من الصناديق العربية، ويحصل أن يبدأ تعبيد شارع رئيسي أو فرعي ويستمر لمدة اطول من المدة التي تم إقرارها مسبقاً، و يحدث التأخير لأسباب مادية أو مناخية".

وأضافت أبو دقر أن هذا التأخر يؤدي للعديد من الحوادث المرورية ويشكل خطراً على المواطنين، بسبب أوضاع بعض الشوارع غير الصالحة للتحول إلى بديل عن الشارع الرئيسي، والتي لا تستوعب كمّا كبيراً من المركبات، وتحديدا مركبات الوزن الثقيل".

التعبيد بين فلسطين ودولة الاحتلال

وقالت المهندسة سوسن أبو دقر فيما يخص الفرق بين الاسفلت المستخدم لدى دولة الاحتلال والاسفلت المستخدم في الضفة الغربية، حيث أوضحت أن هذا الفرق يكمن في أن مادة (البيتومين) الخام مصدرها الاحتلال، ولكن الاختلاف يكون في طريقة التصنيع والكمية التي يتم استخدامها، فمثلا كل طن من الاسفلت يحتاج لكمية معينة من البيتومين ومن هنا ينشأ الفرق، حيث يقوم المقاولون الفلسطينيون بوضع أدنى نسبة مقبولة من البيتومين، عدا عن أن "الحصمة" المستخدمة في صناعة الاسفلت تختلف اختلافاً جوهري عن تلك المستخدمة في فلسطين، لكن هذا لا يعني أن الأنواع المستخدمة في لدى الاحتلال غير متوفرة.

كما أن المعدات المستخدمة تلعب دوراً مهماً مثل "المداحل" و"الفرّادات"، إذ أن أغلبها يعود عمرها لأكثر من 15 عاماً ولا تعمل بكفاءة عالية، ومن ناحية العمال فهم يلعبون الدور الاكبر، حيث يجب أن تتوفر لديهم الخبرات والكفاءات العالية وأن يتم تحفيز العامل لكي يعطي أفضل ما يستطيع، كالتحفيز المالي مثلا ولا يقتصر معاشه فقط على الحد الأدنى الذي لا يكفل الحياة الكريمة له، وهذا ما أكده لنا احد العمال الذي يتمحور مجال عمله على "الكريك" و "المشط"، حيث أن يومية العامل الذي يختص مثله تكون ما بين ال 100 وال 120 شيقل.

المدة الزمنية و عدم التخطيط!

إن المدة الزمنية لإنجاز شارع رئيسي تعتمد على التعطيلات الطارئة التي قد تحدث أثناء العمل مثل اكتشاف ملكيات فردية أو حالة الطقس والمناخ، لأن تعبيد الشوارع بالشتاء يأخذ وقتاً أطول من إنجازها بالصيف بسبب التقلبات المناخية الحاصلة في فصل الشتاء، وهذا كله بسبب عدم التخطيط والدراسة المسبقة الجيدة لموقع الأعمال من قبل الجهة المسؤولة عن المشروع، إذ ان هذه الجهة يجب ان تقوم بدراسة مسبقة للمشروع وللظروف المحيطة بتنفيذ العمل لتجنب حصول هذه التعطيلات الطارئة.

وقال مهند سلامة صاحب سوبر ماركت البركة: "الحفريات الخاصة التي قام بها مقاول على الرصيف الخاص بالشارع الرئيسي للمدارس في كفر عقب أدى إلى إغلاق المحل لمدة أسبوع كامل، وهذا كان واضحاً عبر دفتر البيع والشراء (جهاز الباركود) للمحل، الذي رصد تراجع نسبة مبيعاته.

وبناءً على هذه المعلومات قال المقاول "أبو أحمد" المسؤول عن بناء عدد من الشقق السكنية في  كفر عقب:" من الصعب إنجاز المشاريع دون مواجهة أي تعطيلات، ونحن نحاول ان نعمل بشكل نضمن فيه إنجاز المشاريع بما لا يؤثر كثيرا على حياة المواطنين وأصحاب المحال التجارية، ولكن في الحقيقة من أجل انجاز العمل المطلوب من المقاول لابد من القيام بتحويلات للطرق وهذا من شأنه تأخير المواطنين عن أعمالهم أو إغلاق مسلك من الشارع واستعمال مسلك واحد فقط لكلا الاتجاهين مما يؤدي لاختناقات مرورية خاصة في أوقات الذروة.

وعند سؤاله عن العقوبة المفروضة على المقاولين عند التأخير في انجاز العمل قال: "عند مخالفة شروط العقد بين صاحب العمل والمقاول، إذا كان التأخير غير مبرر فهناك غرامة مالية على كل يوم تأخير، أما إذا كان مبرراً يتم التجوز عنه دون غرامة.

المهندس المتخصص في هندسة الطرق والشوارع فراس اشتية يتحدث عن المواصفات المعتمدة لعمل تصاميم للشوارع الرئيسية، قال إنه يوجد مدرستين لتصميم الطرق وهما المدرسة البريطانية والأمريكية، و يجب التأكد من "الكود" (التصميم) ازا كان مطابقا لكود إحدى المدرستين ويجب أيضاً على المقاول أن يأخذ التصاميم ليتم فحصها والتأكد من مطابقتها للمواصفات الفنية. 

إعادة قص الطرق والشوارع

وحول إعادة قص الطرقات والشوارع، قال اشتية إن إعادة قص الطرقات والشوارع المعبدة حديثا هو بسبب سوء التنسيق مع الجهات المختصة بخدمات البنية التحتية، فعندما يقوم المقاول بطرح عطاء يغفل عن التنسيق مع الشركات مثل شركة الكهرباء ومصلحة المياه وشركة الاتصالات. فنتفاجئ بعد فترة وجيزة من إنشاء الطريق بقيام الشركات الخدماتية بإعادة قص الطرق لتجديد البنية التحتية المهترءة في هذا الشارع الذي سبق وتم تعبيده، وهذا ما سيكلف أكثر بأضعاف وما يؤدي لخسارة عبثية للوقت والجهد والمال، وتضاعف الأضرار التي قد تتسبب للمواطنين والتجار.

الرشوة ليست ببعيدة

الرشاوي نالت نصيباً كافياً في مرحلة التصاميم والمجموعات التصميمية، حيث صرح أحد المهندسين في مؤسسة "NGO" رفض ذكر اسمه، عن حالة رشوة حصلت معه شخصياً وروى لبيرزيت اون لاين  أن مقاولاً عرض عليه مبلغ 4 آلاف دينار عن كل مجموعة تصميمية – حيث كان يتم طرح العطاءات على شكل مجموعات -، ويتابع:" عرض المقاول عليّ أن يعطيني التكلفة التقديرية للمجموعات ليتسنى له تغيير التكلفة التقديرية المعدة من قبل المالك ليفوز المقاول بدوره بالعطاء، لكنني رفضت ولكن تبين لاحقاً أن المقاول على تعاون مع المهندس الأعلى منصباً مني حيث كان يسرب له معلومات سرية، وقد حاول المقاول التعامل مع صاحب المنصب الأقل لكي تقل التكلفة عليه، وفي نهاية المشروع اتضح الفساد على الملأ فتم الكشف عن شركة مقاولات يملكها المهندس الذي سرب المعلومات بالشراكة مع أحد المقاولين".

وفي نهاية نخلص إلى أن المتضرر الوحيد من الأعمال غير القانونية للمقاولين وأصحاب الملك عند تعبيد الشوارع الرئيسية، هو المواطن وصاحب المحل التجاري الذي يدفع ثمن الإهمال وقلة التخطيط.

اقرأ أيضا