التكنولوجيا، مربية الأجيال الحديثة
بيرزيت اون لاين - رزان ناصر - عقب التطور الكبير الذي نشهده في العالم الافتراضي والواقع التقني، وظهور الإنترنت والأجهزة الذكية، زاد عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط 147 مليون مستخدم أي بمعدل 60% من إجمالي عدد السكان في العالم العربي البالغ عددهم 246 مليون نسمة حسب معطيات التقريرالمقدم "We Are Social".
أصبحت التكنولوجيا الحديثة تستخدم بشكل كبير خاصة من قبل الأطفال يحبون بطبيعتهم اكتشاف أشياء جديدة وغريبة، إذ أن التكنولوجيا عالم واسع، توفر المعلومات الكافة التي يحتاجها الطفل للتعرف على ما هو جديد، فيلجأ الأطفال إلى الانخراط في هذا العالم الإفتراضي، وتأسرهم لساعات طويلة، وكأنما أصبحت سعادة الطفل مرتبطة بامتلاكه للأجهزة الذكية.
في مقابلة مع بيرزيت أونلاين تقول المرشدة الاجتماعية والتربوية هدى حواشين: "الانغماس الشديد والمفرط لدى الأطفال في استخدام وسائل التكنولوجيا، يؤثر سلبا عليهم وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث أن هذه المرحلة هي الأهم بالنسبة للطفل من حيث اكتساب اللغة أو انعدامها أحيانا، كما يؤثر على طريقة تواصل الطفل مع الآخرين".
وتضيف حواشين: "الأجهزة التكنولوجية عبارة عن سلاح ذي حدين حيث أن الاستخدام المفرط لها يؤدي إلى محدودية فكر الطفل وتمنعه من تشغيل عقله واستعماله، بالإضافة إلى أنها تولد أمراضا نفسية كالتوحد والانطواء والخجل، ولكن إذا تم استخدامها بشكل متوازن فمن الممكن أن تنمي مهارات وقدرات معينة لدى الطفل تساعد على نضجه".
وتؤثر التكنولوجيا الحديثة في بعض الأحيان سلبا على الطفل خاصة عندما لا يدرك ما يشاهد، مما يساهم في إنتشار العنف عند مشاهدة الرسوم المتحركة القتالية والعنيفة، والتصرفات المخلة بالأخلاق، بالإضافة إلى عزل الطفل في عالم خيالي الأمر الذي يؤدي إلى مرض التوحد، كما أنها تؤثر سلبيا على صحة ونظر الطفل.
المواطنة روينا الديك تقول حول تجربتها مع أطفالها وتعاملهم مع وسائل الكنولوجيا: "لدي ولدان يشاهدان التلفاز ويلعبان على الهاتف النقال لوقت طويل، وأنا لا أكترث لذلك فكنت أظن أنه المناسب لهم، ولكن بعد فترة من إدمانهما على ذلك بدأ كل منهما يتجه إلى السلوك العدواني والأناني بفعل ما يكتسبانه من عادات وسلوك خاطئ وتحول التكنولوجيا لإدمان خطير، هذا ما جعلني أن أحاول قدر الإمكان العمل على تخليصهم من هذا الإدمان الخاطئ بالرغم من مواجهة بعض الصعوبات".
وفي مقابلة مع بيرزيت أون لاين يقول طبيب العيون أحمد حمارشة: "إن الإشعاعات التي تصدر من الأجهزة الذكية تؤثر على قرنية العين وتصيبها بالجفاف بنسب متفاوتة خاصة الأطفال، ويظهر بعض الأعراض مثل حرقة في العين وتدميعها وحركات ترميش لا إرادية تؤثر مستقبلا على الرقبة وتوازن الجسم وعضلات الرقبة والفقرات، فهذه الأجهزة تصدر أشعة (يوفي) بتأثير تراكمي على عدسة العين بما يسمى "عتامة العدسة"، ويحق للطفل في التعرف على التكنولوجيا، ولكن من خلال الشاشات الكبيرة بمقدار نصف ساعة في اليوم، ويتوجب على الأهل مراقبة أطفالهم دائما".
ومن ناحية أخرى من الممكن أن يكون للتكنولوجيا الحديثة تأثير إيجابي خاصة إذا تم استخدامها بشكل يفيد الطفل، مثل استخدام برامج للتعليم التي تحفز الطفل على اكتشاف ما هو جديد، وهذا يتم عندما يكون الطفل خاضع لمراقبة الأهل.
المواطنة نسرين حماد تقول: "أثرت التكنولوجيا على أولادي بشكل إيجابي، من خلال اكتشاف ما هو جديد سواء لسبل تعليمية أو ترفيهية، وأيضا اكتسابهم بعض المهارات المهمة في الحياة إما عن الإنترنت أوالتلفاز، كما أن ألعاب الذكاء تزيد من نسب الذكاء والتركيز لدى الطفل، ولكن بالمقابل أقوم بمراقبتهم بإستمرار بما يشاهدون، وأسمح لهم بالجلوس على الأجهزة الالكترونية بالقدر المعقول، وهذا الذي ساعدني أكثر بعدم مواجهة أي ضرر من التكنولوجيا الحديثة على أولادي".
فالأمر بيد الأهل، إما أن تكون هذه الوسائل أداة معرفية وتنموية للمهارات العقلية أو سلاح موجه لشخصية الطفل وحواسه.