في فلسطين، الأطفال يقتلعون كما الأزهار

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-02-05 04:02:00

بيرزيت اونلاين - فلورا عبداللطيف - ربما تكون امنية "الصحة التامة" لشخص كبير في السن، لكن في فلسطين تصدر هذه الأمنية عن أطفال، فالطفل أسامة زيدات من قرية بني نعيم  قضاء الخليل، البالغ من عمره 14 عاماً أصابه الاحتلال بعيار ناري من نوع (دمدم) في كتفه و اثنين في فخده، بتهمة الاشتباه به اثناء تمشيه قرب مستوطنة "كريات اربع" على احد جبال قريته، ما تسبب له بتهتك في عظام صدره و قدمه، إضافة لفقده القدرة على المشي بشكل طبيعي.وقد تجاهل الاحتلال حجم إصابته و صغر سنه و جميع القوانين و الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل، وأصدر بحقه أمرا بالاعتقال الإداري.

رغم الإفراج عن زيدات بعد اعتقال دام خمسة اشهر إلا انه لم يتحرر؛ فقد فرض عليه الاحتلال الإقامة القسرية لمدة ثلاثة أشهر في مشفى الجمعية العربية في بيت لحم الذي تلقى فيه علاجه، ما حال بينه وبين العلاج في الخارج إذ أنه يحتاج للعلاج خارج البلاد بعد ما تعرض له من إهمال طبي داخل الأسر؛ فقد خضع لثلاثة عمليات متأخرة فشلت واحدة منهم، إلى أن انتهت فترة إقامته الجبرية و خرج للعلاج في الأردن في الشهر الماضي لتتقلص خيارات العلاج أمام أسامة لتصل إلى وضع البراغي المؤقتة والبلاتين مع فقد الأمل من علاج القصور الذي حصل في رجله المصابة بسبب تأخر حالته و الظروف الطبية السيئة التي خضع لها سابقا داخل الاسر. بالإضافة لما آلت اليه حالته الصحية مؤخرا إذ بدأت تطرأ عليه تغيرات على صوته و أوجاع في رئتيه حيث المكان الذي خرجت منه الرصاصة، فيما ينفي الأطباء دلالتها على أي شيئ، إلا أن والدته تقول أنها تشاهد هذه التغيرات تتضاعف يوما بعد يوم و ليس بيدها أي شيء.

ممارسات الاحتلال تجاه الأطفال الفلسطينيين في السجون لم تتجاوز الاتفاقيات و القوانين الدولية  لحماية حقوق الطفل فحسب؛ بل تعدت حدود الإنسانية، ابتداءً من التعذيب خلال نقل الأسرى في "البوسطة" و التي يسميها الاحتلال حافلة، إلا ان مواصفاتها لا تتعدى كونها صندوق حديدي كما يصفها الاسرى، من خلال تعسير السياقة أثناء مسارهم من سجن مجدو شمالا إلى سجن إلى عوفر قرب رام الله، ففي عتمة و برد واجهات البوسطة التي تتخبط فيها اجسامهم، ترافقهم حشرات وكائنات غير مرغوبة لأي بشري. وصولاً إلى الحرمان من الزيارات ومنع التواصل مع عائلاتهم أثناء الأسر، ثم منعهم من الفورة وهي الخروج إلى الساحة او البقعة الوحيدة التي يرى فيها الأسير نور الشمس، أو الحرمان من "الكانتين".

إضافة إلى قساوة ظروف التحقيق التي استمروا بممارستها على الطفل زيدات أثناء أسره السريري داخل المشفى و ما يتبع ذلك من ضغوط نفسية و جسدية غير محدودة. حسب ما زودنا محامي زيدات، أكرم سمارة أثناء وجوده بجانبه محاولاً جاهداً التخفيف عنه والدفاع عن قضيته.

في السياق ذاته، تقول محامية هيئة شؤون الأسرى و المحررين هبة مصالحة أن المواثيق الدولية تضمن للطفل الأسير أن تتم معاملته بطريقة خاصة يشرف عليها الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، إلا أن ما يعيشه الأطفال الفلسطينيين في السجون لا يمت لذلك بصلة؛ ففي سجن المسكوبية في القدس يحتجز الأطفال فيه لمدة 45 يوما دون ادنى مقومات الحياة، و يتعرى الأطفال ليتم ضربهم بالعصي والبنادق إضافة للحرمان من مكان يليق بالإنسان لقضاء الحاجة وأكل وجبات الطعام.

أسامة زيدات ليس وحيدا؛ فيرافقه المأساة ثلاثمئة طفل موزعين على سجون الاحتلال، إلا أن كل هذه الانتهاكات لم تمنع أقران زيدات من الاسرى من الانطلاق بعقولهم وأفكارهم ليتمكن بعضهم من الحديث بطلاقة ووعي كامل عن رؤيتهم تجاه مستقبل قضية الشعب الفلسطيني كما ظهر في تقرير للقناة العبرية الثانية، إذ تحدث المعتقلون الأطفال من سجن عوفر العسكري بثقة متداركين أسباب وجودهم في هذا المكان، فالطفل أيهم صباح الذي كان قد اعتقل على خلفية اتهامه بعملية طعن في مستوطنة "شعار بنيامين"، أكد ان أولاد جيله قد استلموا راية المقاومة على حد وصفه، وأن تعديات الاحتلال ما هي إلا تحفيز لزيادة وتيرة المقاومة ضد هذا الاحتلال الذي يعكر حياتهم.

و اليوم في عيده الخامس عشر لا يتمنى أسامة سوى استعادة صحته وساعات اللعب مع أصدقائه وتسلق الجبال التي يهوى، في حين تناشد أمه كل مسؤول في هذه البلد بأن يتولى قضية علاج طفلها وأمثاله لتمكينهم من الحصول على مستقبل أفضل بعد ما وقع عليهم من ظلم وبطش مارسه الاحتلال بقوته الغاشمة.

اقرأ أيضا