بيت لحم حزينة في أعيادها

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-01-08 12:01:00

كيف واجهت المدينة قرار ترامب؟ وكيف أثر عليها؟

بيرزيت - عبدالقادر ذويب - حتى "أبو رامي" العجوز الذي يبيع كأس القهوة بشيكل واحد يتذمر باستمرار، ويتمتم سابا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان أبو رامي يكتفي في موسم الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة بالوقوف عند باب كنيسة المهد، وبيع القهوة للسيّاح الأجانب (الذين يعطونه أكثر من شيكل بالتأكيد)، ولكن بسبب قرار ترامب الأخير المتعلق بالقدس نقل أبو رامي إبريق القهوة خاصته لساحة المهد قريبا من مسجد عمر بن الخطاب.

استقبلت مدينة بيت لحم كأي مدينة أخرى في فلسطين القرار بالرفض والمظاهرات التي لم تنقطع حتّى الآن، ففي الجمعة الأولى التي أعقبت القرار خرج أكثر من ألفي شاب بحسب التقديرات "الإسرائيلية" إلى عشرات المواقع التي التحموا فيها مع جنود الاحتلال.

أما على المستوى الرسمي فقد عقد رؤساء بلديات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور مؤتمراً صحافياً أعلنوا فيه أن الاحتفالات ستقتصر على الشعائر الدينية احتجاجاً على قرار ترامب، وتضامناً مع عائلات الشهداء والجرحى الذين سقطوا أخيراً في المواجهات.

وقال رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان أنه بهذا الاحتجاج يريد أن يسمع صوت الفلسطينيين للعالم، فالقدس ستبقى لأهلها مهما حاول الاحتلال ومن يدعمه تغيير الواقع.

وبالتالي ما كان للمدينة إلا أن تفقد بريقها، وتطفئ شموع كنائسها، ومصابيح شجراتها، وتستغرق في مواجهة القرار الذي نزع القيامة من المهد، والأقصى من مسجد عمر بن الخطاب.

كيف أثر القرار على السياحة في بيت لحم؟

يشهد المدخل الشمالي للمدينة قرب مسجد بلال بن رباح مواجهات شبه مستمرة منذ إعلان مدينة القدس عاصمة لـ "إسرائيل" من قبل الإدارة الأمريكية، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة لا على فرحة المواطنين بأعيادهم الدينية فقط، وإنما على أرزاقهم وحياتهم اليوميّة. 

فالمدخل الشمالي لا يبعد إلا عدة كيلومترات قليلة عن كنيسة المهد، ما جعل الحركة متعذرة على قاطني تلك البيوت، بالإضافة كونه يمثّل المدخل الرئيس للسيّاح الأجانب الذين يدخلون فلسطين عن طريق مطار اللد مرورا بالقدس، وصولا إلى مدينة بيت لحم.

يقول أبو شادي دعدرة أحد مالكي "سوق شادي للخضار والفواكه" أكبر وأعرق محلات المدينة أن المبيعات في هذا الموسم من كل عام كانت تتجاوز نصف مليون شيكل، إلا أنها في هذا العام لم تتجاوز الـ 250 ألف شيكل، ما يعني أن نسبة الانخفاض وصلت لنحو 50%.

ويضيف أبو شادي أن في هذه الفترة من كل عام كان يجلب البضاعة إلى سوق الخضروات ثلاث مرات أسبوعيا بقيمة 75 ألف شيكل للمرّة الواحدة، أما هذه السنة فهو يجلبها مرة واحدة في الأسبوع بسبب الأوضاع الراهنة، ويشير إلى أن الأوضاع الراهنة لم تؤثر على السائحين من الخارج فقط، وإنما على زوّار المدينة من مدينة القدس والداخل المحتل.

تمثل السياحة أحد أهم القطاعات الاقتصادية في بيت لحم، وهي سياحة تقتصر في غالبيتها على الجانب الديني، كونها تحتضن أهم كنيسة بالنسبة للدين المسيحي وهي كنيسة المهد، بالإضافة لحقل الرعاة الذي يعتقد أنه مكان ولادة السيد المسيح، ويوجد فيها الكثير من المعالم المسيحية أيضا عدير ابن عبيد ودير مار سابا.

أما وزارة السياحة الفلسطينية فقد قدرت عدد زائري مدينة بيت لحم في العام الماضي بعشرة آلاف سائح خلال فترة الأعياد فقط، أما هذا العام فالعدد قد لا يصل إلى نصف هذا الرقم بحسب مسؤولين في القطاع.

وأعلنت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ‏UNWTO)) أن الأراضي الفلسطينية شهدت في النصف الأول من العام 2017 نموا كبيرا في قطاع السياحة، ما جعلها تحصد المرتبة الأولى باعتبارها الأكثر نموا سياحيا في العالم، بواقع ما يقارب مليون ونصف سائح.

ولكن يبدو أن القرار الأهوج الذي اتخذه ترامب مؤخرا، والذي أشعل المدينة بالمواجهات مع جنود الاحتلال سيقف عائقا أمام هذا النمو، فعندما سألنا "أبو جورج" وهو مالك أحد محلات التحف الأثرية والمنحوتات الخشبية التي تشتهر فيها مدينة بيت لحم قال: "لا يخفى أن هذه النوعية من المحلات تستهدف السوّاح بشكل خاص، وهذا ما جعل الأوضاع الأمنية السائدة في المدينة قاسمة لظهورنا!".

وأشار صاحب أحد مقاهي ساحة المهد أنه لم يجنِ ما يكفي لدفع أجار المقهى ورواتب العاملين لديه.

أما على مستوى الفنادق فقد أعلن فندق جاسر عن إغلاقه لأبوابه حتى إشعار آخر، بسبب الهجمة الشرسة من قبل جنود الاحتلال، وإصابته بأضرار جسيمة، كونه قريب من موقع المواجهات يذكر أن الفندق حاز مؤخرا على جائزة الفندق التاريخي لعام 2017.

فالمدينة التي أصبحت رائحة الغاز المسيل للدموع فيها تطغى على رائحة البخور المقدس في الكنائس، وأصبحت رائحة الدم والإطارات المشتعلة هي ما تميّزها لا رائحة الخشب والتحف الخشبية.

 

اقرأ أيضا