أسيران تقاسما الحكم ليتنسما الحرية معا

تم النشر بواسطة: waleed.zayed17 2018-01-03 11:01:00

بيرزيت اونلاين - ديما إبراهيم - بعد 14 عاماً في سجون الاحتلال، ذاقا فيها مرارة السجن وظلم السجان، تنسم الأسير لؤي صوان (33 عاماً) والأسير معاذ مسامح (34 عاماً) هواء الحرية، قصة تفيض وفاءً وتجسد معنى الأخوة والصداقة. فما فعلاه لصداقتهما كان أمراً فريداً من نوعه، فأنتم في هذه القصة على موعد مع صديق أعطى صديقه من عمره.

اعتقل الصديقان أثناء عودتهما من جنين بعد ما نصب الاحتلال لهما كميناً بمساعدة طائرة عسكرية، وعلى إثر ذلك الكمين تم اعتقال لؤي ومعاذ، أصدر الاحتلال عيهما حكماً بتهمة مقاومة الاحتلال، فحكم على معاذ بالسجن 7 سنوات، في حين حكم على لؤي بالسجن 21 عاماً، لوي الذي كانت قد تكررت إصاباته بالعديد من الرصاصات التي استقرت شظاياها بجسده المنهك.

لم ينم معاذ ليلة صدور الحكم، وهو يفكر بصديقه الذي سيقضي 21 عاماً في السجن بعيداً عنه، لم يستغرق التفكير معه طويلاً، حيث قرر أن يفديه بسبع سنواتٍ من عمره، تحسب من حكم صديقه لؤي وتضاف لحكمه، يقول معاذ :" أتذكر عند سماعي للحكم حينها لم أتردد بعمل أي شيء يغير هذه الأحكام فطلبت من المحامي التدخل لتغيير الحكم وربط ملفي بملف لؤي"، وقد قبلت سلطات الاحتلال ذلك حسب نظام الصفقات بين الأسرى ونيابة الاحتلال، ليصبح بذلك حكم كل واحد منهما 14 عاماً، ليخرجا من السجن معاً، كما دخلاه معاً.

أهدى معاذ صديقه لؤي سبع سنوات من عمره، قضاها داخل سجون الاحتلال، يقول معاذ :"على الرغم من الفترة القصيرة التي تعرفت بها على لؤي قبل الأسر، إلا أننا تشاركنا الحياة بتفاصيلها، ومن ثم قاومنا واعتقلنا معاً، لذلك أردت أن نتنفس الحرية معاً أيضاً".

على الرغم من علاقتهما القوية إلا أن قرار معاذ وتضحيته من أجل لؤي كان صدمة كبيرة بالنسبة له، لأن 7 سنوات في سجون الاحتلال ليست قليلة، خاصةً وأن أهل الأسير ينتظرون حريته بفارغ الصبر، يقول لؤي :"عندما قال لي المحامي أنه هناك صفقة 14 عاماً، سألته حينها كيف؟، أجابني أنه سيتم تقسيم الحكم بينك وبين معاذ، ما رأيك؟، أجبته بأنني لا أستطيع القبول أو الرفض حتى لا أظلمه أو أظلم نفسي، لذلك تركت حرية الاختيار له ولأهله وخاصة رأي أمه، توجه المحامي لأم معاذ التي أشارت بالموافقة"، امتنان لؤي لموافقة أم معاذ وتشجيعها أعجزه عن شكرهما، ويضيف لؤي :" لم أنطق حينها بكلمة واحدة لأنني أدرك تماماً أن كلماتي لن تعبر عما كان بداخلي وقتها"، لم يتوقع لؤي تخفيف حكمه من 21 عاماً إلى 14 عاماً، نظراً لأن أول حكم بحقه كان مؤبداً و35 عاماً.

يستذكر لؤي الليلة التالية لتثبيت الحكم عليهما، تلك الليلة التي لم تغمض فيها جفونه وهو يفكر بموقف صديقه، وعندما خرجا إلى الفسحة في اليوم التالي، سأل لؤي صديقه لماذا فعلت ذلك؟ حينها سلم معاذ عليه وقال له: "توكل على الله دخلنا مع بعض وبنطلع مع بعض"، عجزت كلمات لؤي بالتعبير عن مشاعره لما فعله صديقه، فما كان عليه إلا أنه أقسم حينها بأنه لن يرى والدته قبل أن يرى معاذ والدته وعائلته، وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم الإفراج عن لؤي قبل يوم واحد من الإفراج عن معاذ، فما كان منه إلا الانتظار ورفض الذهاب إلى بيته ورؤية عائلته إلا بعد ما تم الإفراج عن صديقه، انتظر لؤي صديقه حتى اليوم التالي واحتفلا بالحرية سوياً في لمسة وفاء من صديق لصديقه الذي افتداه بسنين عمره، يقول لؤي :" انتابني شعور الفرحة بالحرية وشعور هز كياني لأنني تمكنت من الإيفاء بوعدي الذي قطعته قبل 14 عاماً".

أوضح الأسيران أن 14 عاماً في سجون الاحتلال كانت تجربة صعبة وقاسية جداً، مليئة بالمعاناة والتعذيب بأنواعه من قبل محتل لا يعرف للرحمة معنى، فالممارسات القمعية التي يمارسها الاحتلال على كل الأسرى لا تخفى على أحد، إلا أن حالة الصمود التي يعيشها الأسرى مكنتهم من الثبات حتى انتزاع حريتهم. يضيف لؤي: "من أكثر اللحظات التي كانت صعبة وموجعة لي هي وفاة والدي قبل ثماني سنوات حيث حرمت من إلقاء نظرة الوداع عليه، كما أنه لم يزرني سوى مرة واحدة بسبب إجراءات الاحتلال وتضييقه علينا".

يوجه الأسير المحرر لؤي رسالة للقيادة والفصائل الفلسطينية بأن يجعلوا قضية الأسرى على سلم أولوياتهم والاهتمام بعائلاتهم، فكل ما يريده الأسير أن يرى أسرته تعيش بكرامة، وعدم وقوفهم لساعات طويلة على الحواجز العسكرية عند الزيارة، وأن تسعى فصائل المقاومة لتحرير الأسرى، كما شدد على أهمية المضي في المصالحة للارتقاء لطموحات الشعب بالحرية، وتابع لؤي:"لا شيء يعوض عن أعمار الأسرى التي مرت وهم يعانون بالسجن، الأسرى الذين قدموا حريتهم من أجل الشعب الفلسطيني والوطن لا يطالبون بشيء سوى الوقوف بجانبهم والشعور بأهاليهم ومعاناتهم، والشعور بأمهاتهم، فرسالتي للقيادة الفلسطينية مهما كان الثمن نحن شعب متعود على الثورة، لا نريد الكراسي نحن نريد أن تعود لنا كرامتنا، أملي أن يتعاضد أبناء الشعب معاً من أجل قضية الأسرى والإفراج عنهم ومن أجل الوطن وحريته".

كغيرهما من الأسرى المحررين يطمح معاذ ولؤي للتأقلم على الحياة الجديدة التي خرجوا ليعيشوها، فحلم بناء الأسرة وتأسيس الذات بات مشروعاً بعد كسر القيود. ولتظل قصة الوفاء لهما منارة يهتدون بها في حياتهم حتى يأتي اليوم التي يروونها لأبنائهم وأحفادهم. 

اقرأ أيضا